للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجبّارين لمّا نزل بها موسى وقومه بعث منهم اثني عشر رجلا وهم النّقباء الّذين ذكرهم الله تعالى ليأتوهم بخبرهم، فساروا ولقيهم رجل من الجبّارين فجعلهم في كساءته، فحملهم حتّى أتى بهم المدينة ونادى في قومه فاجتمعوا إليه فقالوا: من أنتم؟ قالوا: نحن قوم موسى بعثنا لنأتيه بخبركم. فأعطوه حبّة من عنب تكفي الرّجل، وقالوا لهم: اذهبوا إلى موسى وقومه فقولوا لهم: اقدروا قدر فاكهتهم. فلمّا أتوهم قالوا:

يا موسى فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ «فقال رجلان من الّذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا» ، وكانا من أهل المدينة فأسلما واتّبعا موسى فقالا لموسى ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ «١» . وهذا في تفسير قوله تعالى قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ* قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ (المائدة/ ٢٢- ٢٣) .

٣-* (قال ابن عبّاس ومقاتل- رضي الله عنهم- في تفسير قوله تعالى قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (ق/ ٢٧) : قرينه الملك؛ وذلك أنّ الوليد بن المغيرة يقول للملك الّذي كان يكتب سيّئاته: ربّ إنّه أعجلني، فيقول الملك: ربّنا ما أطغيته أي ما أعجلته) * «٢» .

٤-* (قال ابن عبّاس- رضي الله عنهما- في تفسير قوله تعالى قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (ق/ ٢٧) : أي يقول عن الإنسان الّذي قد وافى القيامة كافرا يتبرّأ منه شيطانه ربّنا ما أطغيته: أي ما أضللته) * «٣» .

٥-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- في قوله تعالى وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (التوبة/ ٧٥) : أنّ رجلا كان يقال له ثعلبة من الأنصار أتى مجلسا فأشهدهم فقال: لئن آتاني الله من فضله آتيت كلّ ذي حق حقّه وتصدّقت منه وجعلت منه للقرابة، فابتلاه الله فآتاه من فضله فأخلف ما وعد فأغضب الله بما أخلفه ما وعده) * «٤» .

٦-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- في تفسير قوله تعالى كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ (الحشر/ ١٦) قال: كانت امرأة ترعى الغنم وكان لها أربعة إخوة وكانت تأوي باللّيل إلى صومعة راهب. قال: فنزل الرّاهب ففجر بها فحملت فأتاه الشّيطان فقال اقتلها ثمّ ادفنها فإنّك رجل مصدّق يسمع قولك فقتلها ثمّ دفنها. قال: فأتى الشّيطان إخوتها في المنام فقال لهم: إنّ الرّاهب صاحب الصومعة فجر بأختكم فلمّا أحبلها قتلها ثمّ دفنها في مكان كذا وكذا. فلمّا أصبحوا قال رجل


(١) تفسير القرطبي (١٨/ ٢٨) .
(٢) المرجع السابق (١٨/ ١٣) .
(٣) تفسير ابن كثير (٤/ ٢٢٦) .
(٤) الدر المنثور (٣/ ٤٦٨) .