للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهم: والله لقد رأيت البارحة رؤيا ما أدري أقصّها عليكم أم أترك. قالوا: بل قصّها علينا. قال: فقصّها.

فقال الآخر: وأنا والله رأيت ذلك. فقال الآخر: وأنا والله رأيت ذلك؛ قالوا: فو الله ما هذا إلّا لشيء.

قال: فانطلقوا فاستعدوا ملكهم على ذلك الرّاهب فأتوه فأنزلوه ثمّ انطلقوا به، فلقيه الشّيطان فقال: إنّي الّذي أوقعتك في هذا ولن ينجيك منه غيري فاسجد لي سجدة واحدة وأنجيك ممّا أوقعتك فيه. قال:

فسجد له فلمّا أتوا به ملكهم تبرّأ منه وأخذ فقتل) * «١» .

٧-* (عن محمّد بن كعب القرظيّ قال: كان المشركون الرّجال يطوفون بالبيت بالنّهار عراة والنّساء باللّيل عراة؛ ويقولون: إنّا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها، فلمّا جاء الإسلام وأخلاقه الكريمة نهوا عن ذلك، وذلك في تفسير قوله تعالى وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها (الأعراف/ ٢٨)) * «٢» .

٨-* (عن قتادة وعطاء والرّبيع- رحمهم الله- في قوله تعالى إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ (البقرة/ ١٦٦) قالوا: المعنى أنّ السّادة والرّؤساء تبرّءوا ممّن اتّبعهم على الكفر. وقال قتادة أيضا: هم الشّياطين المضلّون تبرّءوا من الإنس. وقيل هو عامّ في كلّ متبوع يتنصّل من مسئوليّة إضلال تابعه) * «٣» .

٩-* (عن مجاهد- رحمه الله- في قوله تعالى لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ (آل عمران/ ١٦٧) المعنى: لو نعلم أنّكم تلقون حربا لجئناكم ولكن لا تلقون قتالا «٤» . قال القرطبيّ: وكان عبد الله بن أبيّ وأصحابه قد انصرفوا عن نصرة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وكانوا ثلاثمائة فمشى في أثرهم عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريّ فقال لهم: اتّقوا الله ولا تتركوا نبيّكم وقاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا «٥» ونحو هذا من القول. فقال له ابن أبيّ: ما أرى أن يكون قتال، ولو علمنا أن يكون قتال لكنّا معكم. فلمّا يئس منهم عبد الله قال: اذهبوا أعداء الله فسيغني الله رسوله عنكم. ومضى مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم واستشهد رحمه الله تعالى. أمّا قول الله تعالى في نفس الآية يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ فالمعنى أنّهم يقولون القول ولا يعتقدون صحّته لأنّ قولهم لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ فإنّهم متحقّقون أنّ جندا من المشركين قد جاؤا من بلاد بعيدة يتحرّقون على المسلمين بسبب ما أصيب من أشرافهم يوم بدر) * «٦» .


(١) تفسير ابن كثير (٤/ ٣٤١) .
(٢) الدر المنثور (٣/ ١٤٣) .
(٣) تفسير القرطبي (٢/ ١٨٣) ، والدر المنثور (١/ ٣٠٤) وجاء فيه عن قتادة «أنّ الذين اتبعوا هم الجبابرة والقادة والرؤوس في الشّرّ والشّرك وأنّ الذين اتبعوا هم الأتباع والضعفاء.
(٤) تفسير ابن كثير (١/ ٤٢٥) .
(٥) ادفعوا: كثروا سواد المسلمين.
(٦) تفسير ابن كثير ١/ ٤٢٥ (بتصرف يسير) والمراد من هذا الأثر أن المنافقين قد تنصلوا من مسئوليتهم في الدفاع من المدينة ونصرة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأعذار واهية وأقوال مردودة.