للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرّجل الحازم من إحداكنّ يا معشر النّساء» ثمّ انصرف فلمّا صار إلى منزله جاءت زينب امرأة ابن مسعود تستأذن عليه.

فقيل: يا رسول الله، هذه زينب. فقال: «أيّ الزّيانب؟» فقيل: امرأة ابن مسعود. قال: «نعم.

ائذنوا لها» فأذن لها. قالت: يا نبيّ الله، إنّك أمرت اليوم بالصّدقة، وكان عندي حليّ لي فأردت أن أتصدّق بها فزعم ابن مسعود أنّه وولده أحقّ من تصدّقت به عليهم. فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «صدق ابن مسعود. زوجك وولدك أحقّ من تصدّقت به عليهم» ) * «١» .

٥-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه سمع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ ثلاثة في بني إسرائيل:

أبرص «٢» وأقرع وأعمى. فأراد الله أن يبتليهم «٣» .

فبعث إليهم ملكا. فأتى الأبرص فقال: أيّ شيء أحبّ إليك؟ قال: لون حسن وجلد حسن، ويذهب عنّي الّذي قد قذرني النّاس. قال: فمسحه فذهب عنه قذره، وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا. قال:

فأيّ المال أحبّ إليك؟ قال: الإبل. قال: فأعطي ناقة عشراء «٤» . قال: بارك الله لك فيها. قال: فأتى الأقرع فقال: أيّ شيء أحبّ إليك؟ قال: شعر حسن ويذهب عنّي هذا الّذي قذرني النّاس. قال:

فمسحه فذهب عنه وأعطي شعرا حسنا. قال: فأيّ المال أحبّ إليك؟ قال: البقر. فأعطي بقرة حاملا.

فقال: بارك الله لك فيها. قال: فأتى الأعمى فقال:

أيّ شيء أحبّ إليك؟ قال: أن يردّ الله إليّ بصري فأبصر به النّاس. قال: فمسحه فردّ الله إليه بصره.

قال: فأيّ المال أحبّ إليك؟. قال: الغنم. فأعطي شاة والدا «٥» . فأنتج هذان، وولّد هذا «٦» . قال:

فكان لهذا واد من الإبل، ولهذا واد من البقر، ولهذا واد من الغنم. قال: ثمّ إنّه أتى الأبرص في صورته وهيئته. فقال: رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال «٧» في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلّا بالله ثمّ بك. أسألك بالّذي أعطاك اللّون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلّغ عليه في سفري. فقال: الحقوق كثيرة.

فقال له: كأنّي أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك النّاس؟ فقيرا فأعطاك الله؟ فقال: إنّما ورثت هذا المال كابرا عن كابر «٨» . فقال: إن كنت كاذبا، فصيّرك الله إلى ما كنت. قال: وأتى الأقرع في صورته فقال له مثل ما قال لهذا، وردّ عليه مثل ما ردّ على


(١) البخاري- الفتح ٣ (١٤٦٢) واللفظ له، ومسلم (١٠٠٠) مثله لكن من حديث زينب امرأة ابن مسعود.
(٢) أبرص: البرص بياض يظهر في ظاهر البدن، لفساد مزاج. برص، كفرح، فهو أبرص. وأبرصه الله.
(٣) يبتليهم: أي يختبرهم.
(٤) ناقة عشراء: هي الحامل القريبة الولادة.
(٥) شاة والدا: أي وضعت ولدها، وهو معها.
(٦) فأنتج هذان وولد هذا: هكذا الرواية: فأنتج، رباعي وهي لغة قليلة الاستعمال. والمشهور نتج، ثلاثي. ومعناه تولى الولادة، وهي النتج والانتاج، ومعنى ولّد هذا، بتشديد اللام، معنى أنتج. والنتاج للإبل، والمولد للغنم وغيرها، هو كالقابلة للنساء.
(٧) انقطعت بي الحبال: هي الأسباب. وقيل: الطرق.
(٨) إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر: أي ورثته من آبائي الذين ورثوه من آبائهم، كبيرا عن كبير، في العز والشرف والثروة.