للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسترقون! فأعتقوا ما بأيديهم من بني المصطلق، فكان ذلك من خيرها على قومها «١» .

- وتزوج النبي صلّى الله عليه وسلّم ابنة عمته زينب بنت جحش في السنة الرابعة من الهجرة «٢» ، وكانت قبله تحت زيد «مولاه زوجها له النبي صلّى الله عليه وسلّم «٣» ، ولما أخفق الزواج حاول النبي صلّى الله عليه وسلّم إصلاح ذات بينهما دون جدوى، ثم نزل أمر الله تعالى له يأمره بالزواج منها لحكمة ارادها الله تعالى في إبطال عادة التبني الجاهلية، وما يترتب عليها من علاقات، وقد أنزل الله في ذلك قوله تعالى وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً «٤» .. ولذلك فإنها كانت تفخر على بقية نسائه بأنها بنت عمته وبأن الله تعالى قد زوجها له من فوق سبع سماواته «٥» . وبسببها نزلت آية الحجاب «٦» . في قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً» .

ووردت عن أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- رواية صحيحة قالت فيها: «كانت زينب بنت جحش «٨» هي التي تساميني من أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم في المنزلة عند النبي صلّى الله عليه وسلّم وما رأيت امرأة قط خيرا من زينب في الدين، وأتقى لله، وأصدق حديثا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة» «٩» .

أما أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان- رضي الله عنها- فقد كانت عند عبيد الله بن جحش وولدت له حبيبة، وقد هاجرت مع زوجها إلى الحبشة في الهجرة الثانية، غير أنه ما لبث أن ارتد وتنصر ومات على النصرانية وبقيت أم حبيبة. رضي الله عنها- على دين الإسلام، فأتم الله تعالى لها الإسلام والهجرة وتزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ بعث عليه السلام إلى النجاشي فزوجه إياها وأصدقها النجاشي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة «١٠» . وقيل لأبي سفيان يومئذ وهو مشرك يحارب النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن محمدا قد نكح ابنتك، قال ذاك


(١) ابن هشام- السيرة ٣/ ٤٠٩.
(٢) القرآن الكريم- سورة الأحزاب، الآية/ ٣٧، البخاري- الصحيح (فتح الباري، حديث ٤٧٨٧) .
(٣) البخاري- الصحيح (الحديث ٧٤٢٠) .
(٤) القرآن الكريم- سورة الأحزاب، الآية/ ٣٧.
(٥) ابن زبالة- أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم ص/ ٦٩، البخاري- الصحيح، حديث (٧٤٢٠) .
(٦) البخاري- الصحيح، حديث (٤٧٩١) .
(٧) القرآن الكريم- سورة الأحزاب، الآية/ ٥٣.
(٨) انظر ترجمتها وأخبارها في «جامع الأصول» (١٢/ ٢٥١) بتحقيق محمود الأرناؤوط، طبع دار ابن الأثير ببيروت..
(٩) مسلم- الصحيح، الحديث (٢٤٢٤) .
(١٠) أحمد- الفتح الرباني ٢٢/ ١٣٣، ابن هشام- السيرة ٤/ ٣٨٩، ابن سعد- الطبقات ٨/ ٩٦- ٩٩، وانظر: ابن زبالة- أزواج ص/ ٧١- ٣.