للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعبد الرّحمن مشتملين بأرديتهما حتّى استأذنا على عائشة فقالا: السّلام عليك ورحمة الله وبركاته، أندخل؟ قالت عائشة: ادخلوا. قالوا: كلّنا؟ قالت: نعم. ادخلوا كلّكم.

ولا تعلم أنّ معهما ابن الزّبير فلمّا دخلوا دخل ابن الزّبير الحجاب فاعتنق عائشة وطفق يناشدها ويبكي، وطفق المسور وعبد الرّحمن يناشدانها إلّا ما كلّمته وقبلت منه، ويقولان: إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى عمّا قد علمت من الهجرة، فإنّه لا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، فلمّا أكثروا على عائشة من التّذكرة والتّحريج طفقت تذكّرهما وتبكي وتقول: إنّي نذرت والنّذر شديد. فلم يزالا بها حتّى كلّمت ابن الزّبير.

واعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة. وكانت تذكر نذرها بعد ذلك فتبكي حتّى تبلّ دموعها خمارها) * «١» .

١٠-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله قال: من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به، وبصره الّذي يبصر به، ويده الّتي يبطش بها، ورجله الّتي يمشي بها، وإن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذ بي لأعيذنّه. وما تردّدت عن شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته» ) * «٢» .

١١-* (عن محمّد بن جبير بن مطعم يحدّث أنّه: بلغ معاوية وهم عنده في وفد من قريش أنّ عبد الله بن عمرو يحدّث أنّه سيكون ملك من قحطان، فغضب فقام فأثنى على الله بما هو أهله ثمّ قال: أمّا بعد فإنّه بلغني أنّ رجالا منكم يحدّثون أحاديث ليست في كتاب الله، ولا تؤثر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأولئك جهّالكم، فإيّاكم والأمانيّ الّتي تضلّ أهلها، فإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلّا كبّه الله في النّار على وجهه ما أقاموا الدّين» ) * «٣» .

تابعه نعيم عن ابن المبارك عن معمر عن الزّهريّ عن محمّد بن جبير.

١٢-* (عن عائشة أمّ المؤمنين- رضي الله عنها- أنّها قالت: أوّل ما بدىء به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الوحي الرّؤيا الصّالحة في النّوم. فكان لا يرى رؤيا إلّا جاءت مثل فلق الصّبح، ثمّ حبّب إليه الخلاء. فكان يخلو بغار حراء فيتحنّث فيه (وهو التّعبّد) اللّيالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزوّد لذلك. ثمّ يرجع إلى خديجة فيتزوّد لمثلها. حتّى جاءه الحقّ وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ قال: «ما أنا بقارىء» قال: «فأخذني فغطّني حتّى بلغ منّي الجهد، ثمّ أرسلني فقال: اقرأ. قال: ما أنا بقارىء. قال:

فأخذني فغطّني الثّانية حتّى بلغ منّي الجهد، ثمّ أرسلني فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارىء فأخذني فغطّني الثّالثة حتّى بلغ منّي الجهد، ثمّ أرسلني «٤»


(١) البخاري- الفتح ١٠ (٦٠٧٣، ٦٠٧٤، ٦٠٧٥) .
(٢) البخاري- الفتح ١١ (٦٥٠٢)
(٣) البخاري- الفتح ١٣ (٧١٣٩) .
(٤) أرسلني: أي أطلقني.