للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحالة الّتي كانت عليها العرب قبل الإسلام من الجهل بالله سبحانه، ورسوله وشرائع الدّين والمفاخرة بالأنساب والكبر والتّجبّر وغير ذلك «١» .

[الجهل اصطلاحا:]

قال الجرجانيّ: الجهل: هو اعتقاد الشّيء على خلاف ما هو عليه، واعترضوا عليه بأنّ الجهل قد يكون بالمعدوم، وهو ليس بشيء، والجواب عنه أنّه شيء في الذّهن «٢» .

وقال المناويّ: الجهل: هو التّقدّم في الأمور المنبهمة بغير علم «٣» .

وقال ابن نجيم: حقيقة الجهل: عدم العلم بما من شأنه أن يكون معلوما فإن قارن اعتقاد النّقيض، أي الشّعور بالشّيء على خلاف ما هو به فهو الجهل المركّب، فإن عدم الشّعور بذلك فهو الجهل البسيط «٤» .

[أنواع الجهل:]

قال الجرجانيّ: الجهل على ضربين:

الأوّل: الجهل البسيط: هو عدم العلم عمّا من شأنه أن يكون معلوما.

الآخر: الجهل المركّب: هو عبارة عن اعتقاد جازم غير مطابق للواقع «٥» .

وقال الرّاغب: الجهل على ثلاثة أضرب:

الأوّل: هو خلوّ النّفس من العلم.

الثّاني: اعتقاد الشّيء بخلاف ما هو عليه.

الثّالث: فعل الشّيء بخلاف ما حقّه أن يفعل، سواء اعتقد فيه اعتقادا صحيحا أو فاسدا. كمن يترك الصّلاة متعمّدا، وعلى ذلك قوله تعالى: قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (البقرة/ ٦٧) فجعل فعل الهزو جهلا «٦» .

أنواع الجهّال وكيفية التعامل معهم:

قال الرّاغب: الإنسان في الجهل على أربعة منازل:

الأوّل: من لا يعتقد اعتقادا لا صالحا ولا طالحا، فأمره في إرشاده سهل إذا كان له طبع سليم، فإنّه كلوح أبيض لم يشغله نقش، وكأرض بيضاء لم يلق فيها بذر، ويقال له باعتبار العلم النّظريّ: غفل، وباعتبار العلم العمليّ: غمر، ويقال له: سليم الصّدر.

والثّانيّ: معتقد لرأي فاسد، لكنّه لم ينشأ عليه، ولم يتربّ به، واستنزاله عنه سهل، وإن كان أصعب من الأوّل، فإنّه كلوح يحتاج فيه إلى محو وكتابة، وكأرض يحتاج فيها إلى تنظيف، ويقال له: غاو وضالّ.

والثّالث: معتقد لرأي فاسد قد ران على قلبه، وتراءت له صحّته، فركن إليه لجهله وضعف نحيزته، ممّن وصفهم الله تعالى بقوله: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ


(١) مقاييس اللغة لابن فارس ١/ ٤٨٩، والمفردات للراغب ص ١٠١، لسان العرب (٢/ ٧١٣، ٧١٤) بتصرف. وانظر الصحاح (٤/ ١٦٦٣، ١٦٦٤) . ومختار الصحاح (١١٥) .
(٢) التعريفات للجرجاني (٨٠) .
(٣) التوقيف (١٢٣) .
(٤) الأشباه والنظائر لابن نجيم (٣٠٣) بواسطة رفع الحرج لصالح بن حميد (٢٢٩) .
(٥) التعريفات (٨٠) .
(٦) المفردات (١٠٢) .