للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لو كنت من شيء سوى بشر ... كنت المضيء لليلة البدر «١»

فيقول عمر- رضي الله عنه- ومن سمع ذلك: كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كذلك ولم يكن كذلك غيره. وكذلك قالت عمّته عاتكة بنت عبد المطّلب، بعد ما سار من مكّة مهاجرا فجزعت عليه بنو هاشم فانبعثت تقول:

عينيّ جودا بالدّموع السّواجم «٢» ... على المرتضى كالبدر من آل هاشم

على المرتضى للبرّ والعدل والتّقى ... وللدّين والدّنيا بهيم «٣» المعالم

على الصّادق الميمون ذي الحلم والنّهى ... وذي الفضل والدّاعي لخير التّراحم

فشبّهته بالبدر ونعتته بهذا النّعت وإنّها لعلى دين قومها.

فهذه نماذج- وهي قلّ من كثر- لما وصفه به الواصفون، ممّا يدلّ على جماله وبهائه وملاحته صلّى الله عليه وسلّم.

صفة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

وردت أحاديث جامعة شاملة تضمّنت صفات خلقيّة عديدة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم كما وردت أحاديث أخرى تقتصر على صفة معيّنة أو أكثر ولكنّها لا تصل إلى درجة الشّمول والجمع.

[وصف جامع:]

وردت بعض الأحاديث والآثار الّتي تتضمّن وصفا شاملا للرّسول صلّى الله عليه وسلّم نذكر منها مايلي:

١- حديث أمّ معبد: عن حبيش بن خالد «٤» رضي الله عنه: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين أخرج من مكّة مهاجرا إلى المدينة، هو وأبو بكر ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة، ودليلهما اللّيثي: عبد الله بن أريقط- رضي الله عنهم- مرّوا على خيمتي أمّ معبد الخزاعيّة- وكانت برزة «٥» جلدة تحتبي بفناء القبّة، ثمّ تسقي وتطعم فسألوها لحما، وتمرا،


(١) ديوان زهير بن أبي سلمى (ص ٩٥) .
(٢) السواجم: انسجم الدمع: أي انصب وسال. انظر لسان العرب (١٢/ ٢٨٠- ٢٨١) .
(٣) بهيم المعالم: أي ليس فيه شيء من الأمراض والعاهات مثل العمى والعور والعرج وغير ذلك من صنوف العاهات. انظر لسان العرب (١٢/ ٥٩) .
(٤) هو أخو أم معبد واسمها عاتكة بنت خالد.
(٥) برزة: قال ابن الأثير: يقال امرأة برزة إذا كانت كهلة لا تحتجب احتجاب الشواب وهي مع ذلك عفيقة عاقلة تجلس للناس وتحدثهم من البروز وهو الظهور والخروج. النهاية (١/ ١١٧) .