للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعتقد كونه أحسن منه. لكن اعتقد جواز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله. فهذا كالّذي قبله يصدق عليه ما يصدق عليه. لاعتقاده جواز ما علم بالنّصوص الصحيحة الصريحة القاطعة تحريمه.

الخامس: وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشّرع ومكابرة لأحكامه، ومشاقّة لله ولرسوله، وتشكيلا وتنويعا وحكما وإلزاما، ومراجع ومستندات، ويحملون على التحاكم إليه عند النزاع، بقاء على أحكام الجاهليّة، وإعراضا ورغبة عن حكم الله ورسوله فلا حول ولا قوّة إلّا بالله.

وأمّا القسم الثاني من قسمي الحاكم بغير ما أنزل الله، فهو مرويّ عن ابن عبّاس وذلك في قوله- رضي الله عنه- في الآية وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (المائدة/ ٤٤) «كفر دون الكفر» وقوله أيضا «ليس بالكفر الّذي تذهبون إليه» وذلك أن تحمله شهوته وهواه على الحكم في القضيّة بغيرها ومجانبة الهدى.

وهذا وإن لم يخرجه كفره عن الملّة، فإنّه معصية عظمى أكبر من الكبائر كالزّنا، وشرب الخمر، والسرقة واليمين الغموس وغيرها، فإنّها معصية لم يسمّها كفرا، نسأل الله أن يجمع المسلمين على التحاكم إلى كتابه، انقيادا ورضاء فإنّه وليّ ذلك والقادر عليه «١» .

[الحكم بغير ما أنزل الله ينافي الإيمان به سبحانه:]

يقول الشيخ عبد العزيز بن باز: إنّ التحاكم إلى الطواغيت والرؤساء والعرّافين ينافي الإيمان بالله عزّ وجلّ وهو كفر وظلم وفسق، وبعد أن استشهد على ذلك بآيات سورة المائدة «٢» ، ذكر أنّ المولى سبحانه قد بيّن أنّ الحكم بغير ما أنزله هو حكم الجاهلين، وأنّ الإعراض عن حكمه- عزّ وجلّ- سبب في حلول عقابه وبأسه الّذي لا يردّ عن القوم الظالمين. قال تعالى: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ* أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (المائدة/ ٤٩، ٥٠) «٣» .

[للاستزادة: انظر صفات: الابتداع- اتباع الهوى- الضلال- الفسوق- الكفر- الظلم- موالاة الكفار- الردة- العصيان.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الحكم بما أنزل الله- الإيمان- الإنصاف- العدل والمساواة- الولاء والبراء- الطاعة] .


(١) انظر رسالة تحكيم القوانين للشيخ محمد بن إبراهيم (ص ١) وما بعدها.
(٢) المائدة: ٣
(٣) انظر ما ذكره الشيخ بتمامه في صفة الحكم بما أنزل الله ج ٥ ص ١٧٠٩- ١٧١٤.