للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحاديث الواردة في ذمّ (الحكم بغير ما أنزل الله)

١-* (عن المقدام بن شريح عن أبيه عن جدّه شريح عن أبيه هانىء أنّه لمّا وفد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع قومه سمعهم يكنّونه بأبي الحكم، فدعاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «إنّ الله هو الحكم وإليه الحكم فلم تكنّى أبا الحكم؟» فقال: إنّ قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «ما أحسن هذا، فما لك من الولد» ؟ قال: لي شريح ومسلم وعبد الله، قال: «فمن أكبرهم» ؟ قلت:

شريح قال: «فأنت أبو شريح» ) * «١» .

٢-* (عن عديّ بن حاتم قال: أتيت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال يا عديّ: اطرح عنك هذا الوثن، وسمعته يقرأ في سورة براءة اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ (التوبة/ ٣١) قال: أما إنّهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنّهم كانوا إذا أحلّوا لهم شيئا استحلّوه، وإذا حرّموا عليهم شيئا حرّموه» ) * «٢» .

٣-* (عن الشعبيّ قال: كانت بين رجل ممّن يزعم أنّه مسلم، وبين رجل من اليهود خصومة، فقال اليهوديّ: أحاكمك إلى أهل دينك- أو قال: إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأنّه قد علم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يأخذ الرشوة في الحكم فاختلفا، فاتّفقا على أن يأتيا كاهنا في جهينة، قال: فنزلت: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ يعني الّذي من الأنصار وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يعني اليهوديّ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ (النساء/ ٦٠) إلى الكاهن) * «٣» .

من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (الحكم بغير ما أنزل الله)

١-* (عن طاووس وعطاء أنّهما قالا في قوله تعالى وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (المائدة/ ٤٥) كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق) * «٤» .

٢-* (قال شيخ الإسلام ابن تيميّة في معنى قوله: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وهؤلاء الّذين اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا حيث أطاعوهم في تحليل ما حرّم الله، وتحريم ما أحلّ الله يكونون على وجهين:

أحدهما: أن يعلموا أنّهم بدّلوا دين الله فيتّبعونهم على هذا التبديل، فيعتقدون تحليل ما حرّم الله أو تحريم ما أحلّ الله، اتّباعا لرؤسائهم مع علمهم


(١) أبو داود (٤٩٥٥) ، والنسائي (٥٣٨٧) . وقال المحدّث الألباني في تعليقه على «مشكاة المصابيح» رقم (٤٧٦٦) : إسناده جيد.
(٢) الترمذي (٣٠٩٥) وحسّنه الألباني في غاية المرام (٢٠) ، وانظر: جامع الأصول حاشية ص ١٦١ مج ٢.
(٣) رواه ابن جرير (٥/ ٩٧) مرسلا، وابن كثير في تفسيره مج ٢ ص ٥١٩ ويشهد له أيضا ما رواه ابن جرير (٨/ ٥٠٩- ٥١١) في نسخة شاكر المحقق بسند قال عنه الحافظ ابن حجر: جيد.
(٤) تفسير ابن كثير (٢/ ٦٤) .