للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنّهم خالفوا دين الرسل، فهذا كفر، وقد جعله الله ورسوله شركا، وإن لم يكونوا يصلّون لهم، ويسجدون لهم، فكان من اتّبع غيره في خلاف للدّين، واعتقد ما قاله ذلك دون ما قاله الله ورسوله، مشركا مثل هؤلاء.

الثاني: أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحرام وتحليل الحلال ثابتا، لكنّهم أطاعوهم في معصية الله كما يفعله المسلم من المعاصي الّتي يعتقد أنّها معاص. فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب، كما قد ثبت عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «إنّما الطاعة في المعروف» ثمّ ذلك المحرّم للحلال والمحلّل للحرام إن كان مجتهدا قصده اتّباع الرسول لكن خفي عليه الحقّ في نفس الأمر، وقد اتّقى الله ما استطاع، فهذا لا يؤاخذه الله بخطئه، بل يثبته على اجتهاده الّذي أطاع به ربّه.

ولكن من علم أنّ هذا أخطأ فيما جاء به الرسول ثمّ اتّبعه على خطئه وعدل عن قول الرسول، فهذا له نصيب من هذا الشرك الّذي ذمّه الله، ولا سيّما إن اتّبع في ذلك هواه ونصره باليد واللّسان، مع علمه أنّه مخالف للرّسول، فهذا شرك يستحقّ صاحبه العقوبة عليه) * «١» .

٣-* (قال ابن تيميّة- رحمه الله-: وبما ذكرته في مسمّى الشريعة والحكم الشرعيّ يتبيّن أنّه ليس لإنسان أن يخرج عن الشريعة في شيء من أموره، بل كلّ ما يصلح له فهو في الشرع من أصوله وفروعه وأحواله وأعماله وسياسته ومعاملته وغير ذلك، والحمد لله ربّ العالمين.. وحقيقة الشريعة:

اتّباع الرسل، وطاعة الرسل هي دين الله الّذي أمر بالقتال عليه. وقال: وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ (الأنفال/ ٣٩) فعلى كلّ من الرعاة والرعية والرؤوس والمرؤوسين أن يطيع كلّ منهم الله ورسوله في حاله، ويلتزم شريعة الله الّتي شرعها له) * «٢» .

٤-* (قال ابن كثير- رحمه الله- في قوله تعالى فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ (المائدة/ ٤٨) أي فاحكم يا محمّد بين الناس، عربهم وعجمهم، أمّيّهم وكتابيّهم، بما أنزل الله إليك من هذا الكتاب العظيم وبما قرّره لك من حكم من كان قبلك، من الأنبياء ولم ينسخه في شرعك) * «٣» .

٥-* (قال الحافظ ابن كثير في قوله تعالى أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (المائدة/ ٥٠) قال: ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كلّ خير، الناهي عن كلّ شرّ، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات الّتي وضعها الرجال، بلا مستند من شريعة الله كما كان أهل الجاهليّة يحكمون به من الضلالات والجهالات، ممّا يضعونها بآرائهم


(١) انظر: فتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن (١٤١، ١٤٢) .
(٢) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن قاسم (١٩/ ٣٠٩) .
(٣) تفسير ابن كثير (٢/ ٦٧) .