للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات المملكيّة المأخوذة عن ملكهم جنكيز خان الّذي وضع لهم الياسق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتّى من اليهوديّة، والنصرانيّة والملّة الإسلاميّة وغيرها، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرّد نظره وهواه. فصارت في بينه شرعا متّبعا يقدّمونه على الحكم بكتاب الله وسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فمن فعل ذلك فهو كافر، يجب قتاله، حتّى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكّم سواه في قليل ولا كثير) * «١» .

٦-* (قال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ (النساء/ ٦٠) هذا إنكار من الله- عزّ وجلّ- على من يدّعي الإيمان بما أنزل الله على رسوله وعلى الأنبياء الأقدمين، وهو مع ذلك يريد أن يتحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب الله وسنّة رسوله كما ذكر في سبب نزول هذه الآية أنّها في رجل من الأنصار، ورجل من اليهود تخاصما فجعل اليهوديّ يقول: بيني وبينك محمّد وذاك يقول: بيني وبينك كعب بن الأشرف، وقيل في جماعة من المنافقين ممّن أظهروا الإسلام أرادوا أن يتحاكموا إلى حكّام الجاهليّة، وقيل غير ذلك، والآية أعمّ من ذلك كلّه فإنّها ذامّة لمن عدل عن الكتاب والسنّة، وتحاكموا إلى ما سواهما من الباطل وهو المراد بالطّاغوت هنا) * «٢» .

٧-* (قال ابن كثير- رحمه الله- فمن ترك الشرع المحكم المنزّل على محمّد بن عبد الله خاتم الأنبياء، وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدّمها عليه، من فعل ذلك فقد كفر بإجماع المسلمين) * «٣» .

٨-* (عن الحسن قال: «من حكم بغير حكم الله فحكم الجاهليّة» ) * «٤» .

٩-* (قال الشوكانيّ- رحمه الله- في قوله تعالى وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ (النساء/ ٥٨) والعدل هو فصل الحكومة على ما في كتاب الله سبحانه وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم لا الحكم بالرّأي المجرّد، فإنّ ذلك ليس من الحقّ في شيء إلّا إذا لم يوجد دليل تلك الحكومة في كتاب الله ولا في سنّة رسوله، فلا بأس باجتهاد الرأي من الحاكم الّذي يعلم بحكم الله سبحانه وبما هو أقرب إلى الحقّ عند عدم وجود النصّ، وأمّا الحاكم الّذي لا يدري بحكم الله ورسوله، ولا بما هو أقرب إليهما، فهو لا يدري ما هو العدل، لأنّه لا يعقل الحجّة إذا جاءته، فضلا عن أن يحكم بها بين عباد الله» «٥» .

١٠-* (قال الشيخ أحمد شاكر: إنّ الأمر في هذه القوانين الوضعيّة واضح وضوح الشمس، هي


(١) تفسير ابن كثير (٢/ ٦٨) .
(٢) المرجع السابق (١/ ٥١٩) .
(٣) البداية والنهاية (١٣/ ١١٩) .
(٤) تفسير ابن كثير (٢/ ٦٧) .
(٥) فتح القدير للشوكاني (١/ ٥٧١) .