للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخيانة اصطلاحا:]

قال الجاحظ: الخيانة هي الاستبداد بما يؤتمن الإنسان عليه من الأموال والأعراض والحرم، وتملّك ما يستودع ومجاحدة مودعه، وفيها أيضا طيّ الأخبار إذا ندب لتأديتها، وتحريف الرّسائل إذا تحمّلها فصرفها عن وجوهها «١» .

وقال المناويّ: الخيانة: هي التّفريط في الأمانة، وقيل: هي مخالفة الحقّ بنقض العهد في السّرّ «٢» .

وقال الكفويّ: إنّ الخيانة تقال اعتبارا بالعهد والأمانة، وخيانة الأعين: ما تسارق من النّظر إلى ما لا يحلّ «٣» .

وقال ابن الجوزيّ: الخيانة: التّفريط فيما يؤتمن الإنسان عليه. ونقيضها: الأمانة.

وقال القرطبيّ: الخيانة: الغدر وإخفاء الشّيء، ومنه يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ (غافر/ ١٩) «٤» .

[الفرق بين النفاق والخيانة:]

قال الرّاغب: الخيانة والنّفاق واحد، إلّا أنّ الخيانة تقال: اعتبارا بالعهد والأمانة، والنّفاق يقال:

اعتبارا بالدّين، ثمّ يتداخلان. فالخيانة: مخالفة الحقّ بنقض العهد في السّرّ. ونقيض الخيانة الأمانة. يقال:

خنت فلانا وخنت أمانة فلان. قال تعالى: لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ (الأنفال/ ٢٨) «٥» .

[من معاني كلمة «الخيانة» في القرآن الكريم:]

أحدها: المعصية، ومنه قوله تعالى: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ (البقرة/ ١٨٧) قال ابن قتيبة: تخونونها بالمعصية «٦» .

الثّاني: نقض العهد. ومنه قوله تعالى في الأنفال: وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ (الأنفال/ ٥٨) .

الثّالث: ترك الأمانة. ومنه قوله تعالى في النّساء: وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً (النساء/ ١٠٥) . (نزلت في طعمة بن أبيرق المنافق كان عنده درع فخانها) .

الرّابع: المخالفة في الدّين. ومنه قوله تعالى في التّحريم: كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما «٧» (التحريم/ ١٠) .

وزاد ابن سلّام وجها خامسا فقال: والخيانة تعني الزّنا في قوله تعالى: وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ «٨» (يوسف/ ٥٢) .

[حكم الخيانة:]

عدّ الإمام الذّهبيّ الخيانة من الكبائر بدليل


(١) تهذيب الأخلاق (٣١) .
(٢) التوقيف (١٦٢) .
(٣) الكليات (٤٣٤) .
(٤) الجامع لأحكام القرآن (٧/ ٣٩٥) .
(٥) بصائر ذوي التمييز (٢/ ٥٨٢) .
(٦) تأويل مشكل القرآن (٤٧٨) .
(٧) نزهة الأعين النواظر (٢٨١- ٢٨٣) .
(٨) التصاريف لابن سلام (١٧٨) .