للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاءت هند بنت عتبة بن ربيعة فقالت: يا رسول الله والله ما كان على ظهر الأرض خباء «١» أحبّ إليّ من أن يذلّوا من أهل خبائك. وما أصبح اليوم على ظهر الأرض خباء أحبّ إليّ من أن يعزّوا من أهل خبائك.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «وأيضا «٢» . والّذي نفسي بيده» .

ثمّ قالت: يا رسول الله إنّ أبا سفيان رجل مسّيك «٣» .

فهل عليّ حرج من أن أطعم من الّذي له عيالنا؟ فقال لها: «لا. إلّا بالمعروف «٤» » ) * «٥» .

٧-* (عن أبي الحوراء قال: قال الحسن بن عليّ- رضي الله عنهما-: علّمني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كلمات أقولهنّ في الوتر- قال ابن جوّاس في قنوت الوتر-: «اللهمّ اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولّني فيمن تولّيت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شرّ ما قضيت، إنّك تقضي ولا يقضى عليك، وإنّه لا يذلّ من واليت، تباركت ربّنا وتعاليت» ) * «٦» .

٨-* (عن جابر- رضي الله عنه- يقول:

«غزونا مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقد ثابت معه ناس من المهاجرين حتّى كثروا، وكان من المهاجرين رجل لعّاب «٧» فكسع «٨» أنصاريّا، فغضب الأنصاريّ غضبا شديدا حتّى تداعوا، وقال الأنصاريّ: يا للأنصار، وقال المهاجريّ: يا للمهاجرين. فخرج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: «ما بال دعوى أهل الجاهليّة؟ ثمّ قال: «ما شأنهم؟» «فأخبر بكسعة المهاجريّ الأنصاريّ. قال: فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «دعوها فإنّها خبيثة» . وقال عبد الله بن أبيّ ابن سلول: أقد تداعوا علينا؟ لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ. فقال عمر: ألا نقتل يا نبيّ الله هذا الخبيث؟ - لعبد الله- فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا يتحدّث النّاس أنّه كان يقتل أصحابه» ) * «٩» .

٩-* (عن المقداد بن الأسود الكنديّ- رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لا يبقى على ظهر الأرض من بيت مدر ولا وبر إلّا أدخل


(١) أهل خباء: أرادت بقولها: أهل خباء نفسه صلّى الله عليه وسلّم. فكنّت عنه بأهل الخباء إجلالا له. قال: ويحتمل أن تريد بأهل الخباء أهل بيته. والخباء يعبر به عن مسكن الرجل وداره.
(٢) وأيضا. والذي نفسي بيده: معناه: وستزيدين من ذلك، ويتمكن الإيمان من قلبك، ويزيد حبك لله ولرسوله صلّى الله عليه وسلّم، ويقوى رجوعك عن بغضه. وأصل هذه اللفظة: آض يئيض أيضا، إذا رجع.
(٣) مسيك: أي شحيح وبخيل. واختلفوا في ضبطه على وجهين حكاهما القاضي: أحدهما مسّيك. والثاني مسيك. وهذا الثاني هو الأشهر في روايات المحدثين. والأولى أصح عند أهل العربية. وهما جميعا للمبالغة.
(٤) لا. إلا بالمعروف: هكذا هو في نسخ مسلم. وهو صحيح. ومعناه لا حرج. ثم ابتدأ فقال: إلا بالمعروف. أي لا تنفقي إلا بالمعروف. أو لا حرج إذا لم تنفقي إلا بالمعروف.
(٥) البخاري- الفتح ١٣ (٧١٦١) ، مسلم (١٧١٤) واللفظ له
(٦) أبو داود (١٤٢٥) واللفظ له، وقال الألباني (١/ ٢٦٧) : صحيح، والترمذي (٤٦٤) وقال: هذا حديث حسن ولا نعرف عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في القنوت في الوتر أحسن من هذا. وقال الشيخ أحمد شاكر في تخريجه: صحيح. وحسّنه أيضا الأرناؤوط في تعليقه على «جامع الأصول» (٥/ ٣٩٢) .
(٧) لعاب: أي بطال. وقيل: كان يلعب الحراب كما تصنع الحبشة.
(٨) فكسع: أي ضربه على دبره.
(٩) البخاري الفتح ٦ (٣٥١٨) واللفظ له، ومسلم (٢٧٧٢) من حديث زيد بن أرقم نحوه.