للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجسم أسمر اللّون «١» ، وكان شعره ليس بجعد ولا سبط إذا مشى يتكفّأ «٢» » «٣» .

- وقال ابن أبي خيثمة- رحمه الله- في صفته صلّى الله عليه وسلّم: «كان أزهر اللّون. والأزهر: الأبيض النّاصع البياض الّذي لا تشوبه حمرة ولا صفرة ولا شيء من الألوان ... » ، وقد نعته بعض من نعته بأنّه كان مشرب حمرة، وقد صدق من نعته بذلك ولكن إنّما كان المشرب منه حمرة ما ضحا للشّمس والرّياح، فقد كان بياضه من ذلك قد أشرب حمرة، وما تحت الثّياب فهو الأبيض الأزهر لا يشكّ فيه أحد ممّن وصفه بأنّه أبيض أزهر، فعنى ما تحت الثّياب فقد أصاب، ومن نعت ما ضحا للشّمس والرياح بأنّه أزهر مشرب حمرة فقد أصاب. ولونه الّذي لا يشكّ فيه: الأبيض الأزهر وإنّما الحمرة من قبل الشّمس والرّياح «٤» .

صفة وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأعضائه:

كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحسن النّاس وجها فكان وجهه كالقمر والشّمس مستديرا. وكان- صلوات الله وسلامه عليه- عظيم العينين. أهدب الأشفار، مشرب العينين حمرة، أشكل أسود الحدقة، أدعج، أكحل العينين، دقيق الحاجبين، سابغهما، أزجّ، أقرن، أبلج واسع الجبين، أغرّ، أجلى كأنّه يتلألأ، وكان العرق في وجهه كاللّؤلؤ، وكان أسيل «٥» الخدّين سهلهما، أقنى «٦» الأنف، ضليع الفم، حسن الثّغر، برّاق الثّنايا، إذا ضحك كاد يتلألأ.

وفيما يلي باقة عطرة من وصف الواصفين لرسول الهدى صلّى الله عليه وسلّم ممّن حضره وشاهده تدلّل على ما ذكرناه.

- عن البراء بن عازب- رضي الله عنهما- قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحسن النّاس وجها وأحسنه خلقا «٧»


(١) أسمر اللون: قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في شرحه لحديث أنس المتفق عليه: « ... كان أزهر اللون ليس بأبيض أمهق ولا آدم» قال: المراد أنه صلّى الله عليه وسلّم ليس بالأبيض الشديد البياض ولا بالآدم الشديد الأدمة، وإنما يخالط بياضه حمرة، والعرب قد تطلق على من كان كذلك أسمر. ولهذا جاء في حديث أنس: « ... أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان أسمر..» إلى أن قال- رحمه الله-: وتبين من مجموع الروايات أن المراد بالسمرة: الحمرة التي تخالط البياض وأن المراد بالبياض المثبت: ما يخالطه الحمرة، والمنفي: ما لا يخالطه وهو الذي تكره العرب لونه وتسميه أمهق. انظر فتح الباري (٦/ ٦٥٨) .
(٢) إذا مشى يتكفأ: أي يتمايل إلى قدام، وقيل أن يرفع القدم من الأرض ثم يضعها ولا يمسح قدمه على الأرض كمشي المتبختر، كأنما ينحط من صبب أي يرفع رجله من قوة وجلادة والأشبه أن يتكفأ بمعنى صب الشيء دفعة. انظر تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي للمباركفوري (٥/ ٤٤٣) .
(٣) رواه الترمذي برقم (١٧٥٤) ، وقال: حديث صحيح، وأصل الحديث في البخاري ومسلم. رواه البخاري. انظر الفتح ١٠ (٥٩٠٦) ، ومسلم برقم (٢٣٣٨) .
(٤) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (١/ ٢٩٩) ، وابن عساكر في تاريخ دمشق. انظر تهذيب تاريخ دمشق (١/ ٣٣٣) وغيرهم.
(٥) أسيل الخد أي قليل اللحم من غير نتوء (منال الطالب ٢٢٣) .
(٦) أقنى. قال في النهاية: القنا في الأنف: طوله ورقة أرنبته مع حدب في وسطه. (النهاية ٤/ ١١٦) .
(٧) وأحسنه خلقا: قال القاضي: ضبطناه خلقا، بفتح الخاء وإسكان اللام هنا، لأن مراده صفات جسمه. قال: أما في حديث أنس فرويناه بالضم لأنه إنما أخبر عن حسن معاشرته. وأما قوله: وأحسنه، فقال أبو حاتم وغيره: هكذا تقول العرب: وأحسنه يريدون وأحسنهم ولكن لا يتكلمون به. انظر شرح النووي على صحيح مسلم (١٥/ ٩٢) .