للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعل به شيء سوى ذلك فليرفعه إليّ، فو الّذي نفسي بيده إذن لأقصّنّه منه. فوثب عمرو بن العاص فقال:

يا أمير المؤمنين، أو رأيت إن كان رجل من المسلمين على رعيّة فأدّب بعض رعيّته أئنّك لمقتصّه منه؟ قال:

إي والّذي نفس عمر بيده، إذن لأقصّنّه منه، وقد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقصّ من نفسه. ألا لا تضربوا المسلمين فتذلّوهم، ولا تجمّروهم فتفتنوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفّروهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيّعوهم) * «١» .

٣-* (عن عليّ- رضي الله عنه- قال: يأتي على النّاس زمان عضوض، يعضّ الموسر على ما في يديه، قال: ولم يؤمر بذلك. قال الله- عزّ وجلّ: وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ وينهد الأشرار، ويستذلّ الأخيار ويبايع المضطرّون، قال: «وقد نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن بيع المضطرّين، وعن بيع الغرر، وعن بيع الثّمرة قبل أن تدرك» ) * «٢» .

٤-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: إنّ الله- عزّ وجلّ- أنزل وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ وفَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ وفَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ قال: قال ابن عبّاس- رضي الله عنهما-: أنزلها الله في الطّائفتين من اليهود، وكانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهليّة، حتّى ارتضوا أو اصطلحوا على أنّ كلّ قتيل تقتله العزيزة من الذّليلة فديته خمسون وسقا، وكلّ قتيل قتلته الذّليلة من العزيزة فديته مائة وسق، فكانوا على ذلك حتّى قدم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم المدينة، فذلّت الطّائفتان كلتاهما لمقدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويومئذ لم يظهر ولم يوطئهما عليه وهو في الصّلح، فقتلت الذّليلة من العزيزة قتيلا، فأرسلت العزيزة إلى الذّليلة أن ابعثوا إلينا بمائة وسق، فقالت الذّليلة: وهل كان هذا في حيّين قطّ دينهما واحد ونسبهما واحد وبلدهما واحد، دية بعضهم نصف دية بعض؟ إنّا إنّما أعطيناكم هذا ضيما منكم لنا وفرقا منكم، فأمّا إذ قدم محمّد فلا نعطيكم ذلك، فكادت الحرب تهيج بينهما، ثمّ ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بينهم، ثمّ ذكرت العزيزة، فقالت:

والله ما محمّد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم، ولقد صدقوا، ما أعطونا هذا إلّا ضيما منّا وقهرا لهم) * «٣» .


(١) أحمد (١/ ٤١) واللفظ له وهو عند أبي داود مختصرا (٤٥٣٧) وقال الشيخ أحمد شاكر (١/ ٢٧٨) : إسناده حسن.
(٢) أحمد (١/ ١١٦) ، وأبو داود (٣/ ٢٦٣) مختصرا وغيره وهو حسن.
(٣) أحمد (١/ ٢٤٦) ، وقال الشيخ أحمد شاكر (٤/ ٤٤) : إسناده صحيح ونسبه السيوطي في الدر المنثور: ٢/ ٢٨١ لأبي داود وابن جرير وابن المنذر والطبري وغيرهم.