للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الرياء]

[الرياء لغة:]

مصدر قولهم: راءاه يرائيه رياء ومراءاة «١» ، وهو مأخوذ من مادّة (ر أى) الّتي تدلّ- كما يقول ابن فارس- على نظر وإبصار بعين أو بصيرة، يقال من ذلك: راءى فلان، وفعل ذلك رئاء النّاس (ورياء النّاس) ، وهو أن يفعل شيئا ليراه النّاس «٢» ، أمّا قولهم:

هم رئاء فالمعنى: يقابل بعضهم بعضا، وكذلك: بيوتهم رئاء أي متقابلة، والوصف من ذلك، رجل مراء، وقوم مراءون، ويسترأى فلان مثل يستحمق (أي ينسب إلى الرّياء) «٣» ، واسترأى الشّيء: استدعى رؤيته وراءيت الرّجل مراءاة ورياء: أريته أنّي على خلاف ما أنا عليه «٤» ، وفي التّنزيل وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ (الأنفال/ ٤٧) . قال القرطبيّ في تفسيرها: يعني أبا جهل وأصحابه الخارجين يوم بدر لنصرة العير. خرجوا بطرين مرائين صادّين عن سبيل الله «٥» . وقولهم: تراءى القوم أي رأى بعضهم بعضا، وترأّى لي وتراءى لي: تصدّى لي كي أراه، ورأى المكان المكان: قابله حتّى كأنّه يراه، وتراءى

الآيات/ الأحاديث/ الآثار

١٢/ ٢٠/ ٣٢

النّخل: ظهرت ألوان بسره، وكلّ ذلك من رؤية العين، وقولهم: ألم تر إلى فلان، ألم تر إلى كذا: كلمة تقولها العرب عند التّعجّب من الشّيء، وعند تنبيه المخاطب، وذلك كما في قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ (النساء/ ٥١) ، أي ألم تعجب لفعلهم، وألم ينته شأنهم إليك «٦» .

وقال ابن منظور (أيضا) : يستعمل راءيت واسترأيت بمعنى: استشرت، يقال: استرأيت الرّجل في الرّأي أي استشرته، وراءيته (كذلك) ، قال عمران بن حطّان:

فإن تكن حين شاورناك قلت لنا ... بالنّصح منك لنا فيما نرائيكا

أي نستشيرك.

أمّا قول الله عزّ وجلّ: يُراؤُنَ النَّاسَ

(النساء/ ١٤٢) ، وقوله عزّ من قائل: الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ* وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ (الماعون/ ٦، ٧) فليس من المشاورة، ولكنّ معناه: إذا أبصرهم النّاس صلّوا، وإذا لم يروهم تركوا الصّلاة، وهذا عمل المرائي


(١) للفعل راءى مصدران قياسان هما: المراءاة والرياء، وكلاهما مستعمل لنفس المعنى، وقد تقلب ياؤه همزة فيقال: رئاء النّاس، أي رياءهم.
(٢) مقاييس اللغة لابن فارس ٢/ ٤٧٢- ٤٧٣ (بتصرف واختصار) .
(٣) الصحاح «ر أى» ٦/ ٢٣٤٨- ٢٣٤٩.
(٤) لسان العرب ١٤/ ٢٩٦ (ط. بيروت) .
(٥) تفسير القرطبي ٨/ ٢٥.
(٦) اللسان ١٤/ ٢٩٩، والنهاية لابن الأثير ٣/ ١٧٨.