للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وسمّي بذلك) لأنّه يري النّاس أنّه يفعل، ولا يفعل بالنّيّة، من ذلك قولهم: أرأى الرّجل: إذا عمل عملا صالحا رياء وسمعة «١» .

[الرياء اصطلاحا:]

قال الجرجانيّ: الرّياء: ترك الإخلاص في العمل بمراعاة غير الله فيه «٢» . وقال التّهانويّ: حدّ الرّياء: فعل الخير لإراءة الغير، وقيل: هو فعل لا تدخل فيه النّيّة الخالصة، ولا يحيط به الإخلاص «٣» . وقال الغزاليّ:

أصل الرّياء: طلب المنزلة في قلوب النّاس بإيرائهم خصال الخير، واسم الرّياء مخصوص- بحكم العادة- بطلب المنزلة في القلوب بالعبادة وإظهارها، ومن ثمّ يكون الرّياء (المذموم شرعا) إرادة العباد بطاعة الله «٤» .

وقال ابن حجر (الهيتميّ) : حدّ الرّياء المذموم:

إرادة العامل بعبادته غير وجه الله تعالى، كأن يقصد اطّلاع النّاس على عبادته وكماله، فيحصل له منهم نحو مال أو جاه أو ثناء «٥» .

وقال ابن حجر العسقلانيّ: الرّياء إظهار العبادة لقصد رؤية النّاس لها فيحمدوا صاحبها «٦» .

الفرق بين الرياء والسمعة والنّفاق:

قال التّهانويّ: الفرق بين الرّياء والسّمعة أنّ الرّياء يكون في الفعل، والسّمعة تكون في القول «٧» ، وقال ابن عبد السّلام: الرّياء أن يعمل لغير الله، والسّمعة أن يخفي عمله ثمّ يحدّث به النّاس «٨» .

أمّا الفرق بين النّفاق والرّياء فيتمثّل في أنّ الأصل في الرّياء الإظهار، والأصل في النّفاق:

الإخفاء إذ المرائي يظهر نيّته الحقيقيّة في طلب المنزلة عند النّاس، أمّا المنافق فإنّه يخفي على النّاس ما بداخله ويظهر خلافه، وقد يلتقي الأمران: الرّياء والنّفاق (الأصغر) في عمل المنافق، كما قال عزّ وجلّ في شأن المنافقين: يُراؤُنَ النَّاسَ

(النساء/ ١٤٢) ، أي بإظهار مجرّد الطّاعة، وقد يختلفان كما في قيامهم (أي المنافقين) إلى الصّلاة كسالى وعدم ذكرهم الله إلّا قليلا، فالمرائي يظهر النّشاط ويكثر من الذّكر لينال مكانة عند النّاس بخلاف المنافق.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنّ النّفاق ينقسم إلى نفاق أكبر وهو النّفاق المتعلّق بالعقيدة، ونفاق أصغر وهو المتعلّق بالأعمال، وإذا كان الرّياء داخلا في النّفاق العمليّ فيكون ثمّت بينهما عموم وخصوص مطلق يجتمعان في النّفاق العمليّ وهو كما يقول ابن رجب: أن يظهر الإنسان علانية (العمل الصّالح) ويبطن خلاف ما يظهر «٩» ، ينفرد


(١) باختصار وتصرف عن (لسان العرب) ١٤/ ٣٠٠- ٣٠٣ (ط. بيروت) .
(٢) التعريفات ص ١١٩.
(٣) كشاف اصطلاحات الفنون ٣/ ٦٠٧- ٦٠٨.
(٤) إحياء علوم الدين ٣/ ٢٩٧.
(٥) الزواجر ١/ ٤٣.
(٦) فتح الباري ١١/ ٣٤٤.
(٧) كشاف اصطلاحات الفنون ٣/ ٦٠٧، وانظر أيضا: فتح الباري لابن حجر ١١/ ٣٤٤.
(٨) نقل ذلك عنه ابن حجر في فتح الباري ١١/ ٣٤٤.
(٩) جامع العلوم والحكم ٣٧٥.