للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيئا لا يشبه النّاس، فإذا هو بشر ذو وفرة «١» بها ردع «٢» من حنّاء، وعليه بردان أخضران» «٣» .

- عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يلبس النّعال السّبتيّة «٤» ويصفّر لحيته بالورس «٥» والزّعفران «٦» ، وكان ابن عمر يفعل ذلك» «٧» .

- عن عبد الله بن عقيل، قال: قدم أنس بن مالك المدينة وعمر بن عبد العزيز وال عليها، فبعث إليه عمر، وقال للرسول: سله هل خضب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإنّي رأيت شعرا من شعره قد لوّن «٨» قال أنس: «إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كان قد متّع بالسّواد، ولو عددت ما أقبل عليّ من شيبه في رأسه ولحيته ما كنت أزيدهنّ على إحدى عشرة شيبة، وإنّما هذا الّذي لوّن من الطّيب الّذي كان يطيّب به شعر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، هو الّذي غيّر لونه» «٩» .

[فائدة:]

يلحظ ممّا تقدّم من الأحاديث أنّ منها ما يدلّ على أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد خضب، مثل حديث أبي رمثة وحديث ابن عمر- رضي الله عنهم- ومنها ما ينفي ذلك مثل حديث أنس بن مالك- رضي الله عنه-.

ومن الأحاديث أيضا ما حدّد عدد شيب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مثل حديث أنس الآنف الذّكر فإنّه حدّد الشّيب بإحدى عشرة شيبة، بينما وردت أحاديث أخر دلّت على أنّ الشّيب أزيد من هذا العدد، مثل حديث ابن عمر.

وقد جمع العلماء رحمهم الله بين هذه الأحاديث ورجّحوا ما يأتي:

أ- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد خضب.

قال ابن كثير- رحمه الله-: ونفي أنس للخضاب معارض بما تقدّم عن غيره من إثباته، والقاعدة المقرّرة أنّ


(١) ذو وفرة: الوفرة: شعر الرأس إذا كان إلى شحمة الأذن.
(٢) ردع: الردع: أثر الصبغ على الجسم وغيره. أفاد ذلك ابن الأثير. انظر جامع الأصول (٤/ ٧٤٠) .
(٣) رواه أبو داود برقم (٤٢٠٦) مختصرا. ورواه النسائي (٨/ ١٤٠) . والإمام أحمد (٢/ ٢٢٦، ٢٢٧) . ورواه البيهقي في دلائل النبوة (١/ ٢٣٧) واللفظ له. وصححه الألباني. انظر صحيح سنن أبي داود برقم (٣٥٤٣) .
(٤) السبتية: قال ابن الأثير: السبتية: جلود بقر مدبوغة بالقرظ، سميت سبتية لأن شعرها قد سبت عنها وحلق، وقيل لأنها انسبتت بالدباغ أي لانت. انظر جامع الأصول (٤/ ٧٣٦، ٧٣٧) .
(٥) الورس: بفتح فسكون: نبت أصفر باليمن يصبغ به.
(٦) الزعفران: نبات زهره أحمر إلى الصفرة وهو من الطيب.
(٧) رواه أبو داود برقم (٤٢١٠) ، والنسائي (٨/ ١٤٠) . قال محقق كتاب جامع الأصول: إسناده حسن. انظر جامع الأصول (٤/ ٧٣٦) .
(٨) ربما كانت هذه رؤيا منامية من خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز- رضي الله عنه-.
(٩) رواه الحاكم في المستدرك (٢/ ٦٠٧) وقال: هذا حديث حسن صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. ورواه أيضا البيهقي في دلائل النبوة واللفظ له برقم (١/ ٢٣٩) .