للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجرموا إذا مرّ الّذين آمنوا بهم يتغامزون: أي يغمز بعضهم بعضا بالمؤمن استهزاء به وسخرية) * «١» .

١٣-* (قال القرطبيّ في قول الله تعالى:

فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي (المؤمنون/ ١١٠) .

يستفاد من هذا: التّحذير من السّخرية والاستهزاء بالضّعفاء والمساكين والاحتقار لهم والإزراء عليهم والاشتغال بهم فيما لا يعني، وأنّ ذلك مبعد من الله عزّ وجلّ) * «٢» .

١٤-* (وقال بعضهم: لو سخرت من راضع لخشيت أن يجوز بي فعله) * «٣» .

١٥- قال العلّامة الشّيخ مرعي في أقاويل الثّقات: الاستهزاء من باب العبث والسّخرية، فمعنى يستهزيء بهم أي يجازيهم على استهزائهم، وهو من باب المشاكلة في اللّفظ ليزدوج الكلام ك وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها، نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ.

والمعنى: يعاملهم معاملة المستهزيء، أمّا في الدّنيا فبإجراء أحكام المسلمين عليهم، واستدراجهم بالإمهال. وأمّا في الآخرة فيروى أنّه يفتح لأحدهم باب الجنّة فيسرع نحوه، فإذا سار إليه سدّ دونه، ثمّ يفتح له باب آخر، فإذا أقبل عليه سدّ دونه. وهذا الّذي قاله على طريقة الخلف. وأمّا مذهب السّلف فلا يؤوّلون ولا يكيّفون فيؤمنون بما أخبر، لا كما يخطر في أوهام البشر) * «٤» .

١٦-* (قال الشّاعر:

المرء إن كان عاقلا ورعا ... أشغله عن عيوبه ورعه

كما السّقيم المريض يشغله ... عن وجع النّاس كلّهم وجعه

) * «٥» .

١٧-* (وقال آخر:

لا تكشفنّ مساوي النّاس ما ستروا ... فيهتك الله سترا عن مساويكا

واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا ... ولا تعب أحدا منهم بما فيكا

) * «٦» .

١٨-* (عن أسير بن جابر أنّ أهل الكوفة وفدوا إلى عمر وفيهم رجل ممّن كان يسخر بأويس، فقال عمر: هل ههنا أحد من القرنيّين؟ فجاء ذلك الرّجل فقال عمر: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد قال: «إنّ رجلا يأتيكم من اليمن يقال له أويس، لا يدع باليمن غير أمّ له، قد كان به بياض فدعا الله فأذهبه عنه، إلّا موضع الدّينار أو الدّرهم، فمن لقيه منكم فليستغفر لكم) * «٧» .


(١) تفسير الطبري مجلد ١٢ ج ٣٠ ص ٧٠.
(٢) تفسير القرطبي ١٢/ ١٥٥.
(٣) لسان العرب ٤/ ٣٥٣ (ط. بيروت) .
(٤) غذاء الألباب ١/ ١٣١ وواضح أن كلامه هذا عن قول الله تعالى في سورة (البقرة/ آية ١٥) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ.. الآية. وانظر صفة (الاستهزاء) .
(٥) تفسير القرطبي ج ١٦/ ٣٢٧.
(٦) نفسه.
(٧) مسلم حديث رقم (٢٥٤٢) .