للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبغض، فيؤول إلى سوء خلق يخصّه دون غيره، فإذا كان سوء الخلق حادثا بسبب، كان زواله مقرونا بزوال ذلك السّبب، ثمّ بالضّدّ «١» .

[أركان سوء الخلق:]

قال ابن القيّم- رحمه الله-:

ومنشأ جميع الأخلاق السّافلة، وبناؤها على أربعة أركان: الجهل، والظّلم، والشّهوة، والغضب.

فالجهل: يريه الحسن في صورة القبيح، والقبيح في صورة الحسن. والكمال نقصا، والنّقص كمالا.

والظّلم: يحمله على وضع الشّيء في غير موضعه. فيغضب في موضع الرّضا، ويرضى في موضع الغضب. ويجهل في موضع الأناة. ويبخل في موضع البذل. ويبذل في موضع البخل. ويحجم في موضع الإقدام، ويقدم في موضع الإحجام. ويلين في موضع الشّدّة. ويشتدّ في موضع اللّين. ويتواضع في موضع العزّة. ويتكبّر في موضع التّواضع.

والشّهوة: تحمله على الحرص، والشّحّ، والبخل، وعدم العفّة، والنّهمة، والجشع، والذّلّ والدناءات كلّها.

والغضب: يحمله على الكبر، والحقد، والحسد، والعدوان، والسّفه.

ويتركّب من بين كلّ خلقين من هذه الأخلاق:

أخلاق مذمومة.

وملاك هذه الأربعة أصلان: إفراط النّفس في الضّعف، وإفراطها في القوّة.

فيتولّد من إفراطها في الضّعف: المهانة والبخل، والخسّة واللّؤم، والذّلّ والحرص، والشّحّ وسفساف الأمور والأخلاق.

ويتولّد من إفراطها في القوّة: الظّلم والغضب والحدّة، والفحش، والطّيش.

ويتولّد من تزوّج أحد الخلقين بالآخر: أولاد غيّة «٢» كثيرون. فإنّ النّفس قد تجمع قوّة وضعفا.

فيكون صاحبها أجبر النّاس إذا قدر، وأذلّهم إذا قهر، ظالم عنوف جبّار. فإذا قهر صار أذلّ من امرأة. جبان عن القويّ، جريء على الضّعيف.

فالأخلاق الذّميمة: يولّد بعضها بعضا، كما أنّ الأخلاق الحميدة: يولّد بعضها بعضا «٣» .

[للاستزادة: انظر صفات: الإساءة- الاستهزاء- البذاءة- سوء المعاملة- الغرور- الكبر والعجب- السخرية- التحقير.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: حسن الخلق- الأدب- حسن العشرة- حسن المعاملة- الحياء- التواضع- كظم الغيظ- غض البصر] .

[الآيات الواردة في (سوء الخلق) معنى]

انظر الآيات الواردة في صفة (الإساءة)


(١) أدب الدنيا والدين (٢٣٨- ٢٥٤) بتصرف.
(٢) غية: جمع غاوي وهو الضال.
(٣) مدارج السالكين (٢/ ٣٢١، ٣٢٢) .