للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتّى دخل وادي القرى ... فلمّا دخل المدينة أتاه النّاس يسلّمون عليه ويعزّونه في رجله وولده، فبلغه أنّ بعض النّاس قال: إنّما أصابه ذلك بذنب عظيم أحدثه، فأنشد عروة في ذلك، والأبيات لمعن بن أوس:

لعمرك ما أهويت كفّي لريبة ... ولا حملتني نحو فاحشة رجلي

ولا قادني سمعي ولا بصري لها ... ولا دلّني رأيي عليها ولا عقلي

ولست بماش ما حييت لمنكر ... من الأمر لا يمشي إلى مثله مثلي

ولا مؤثر نفسي على ذي قرابة ... وأوثر ضيفي ما أقام على أهلي

وأعلم أنّي لم تصبني مصيبة ... من الدّهر إلّا قد أصابت فتى مثلي

) * «١» .

١١-* (قال ابن القيّم- رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ (الفتح/ ٦) : فسّر هذا الظّنّ بأنّه سبحانه لا ينصر رسوله، وأنّ أمره سيضمحلّ، وفسّر أنّ ما أصابهم لم يكن بقدر الله وحكمته، ففسّر بإنكار الحكمة وإنكار القدر، وإنكار أنّ يتمّ أمر رسوله، وأن يظهره على الدّين كلّه، وهذا هو ظنّ السّوء الّذي ظنّ المنافقون والمشركون، وإنّما كان هذا ظنّ السّوء؛ لأنّه ظنّ غير ما يليق به سبحانه، وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصّادق، فمن ظنّ أنّه يديل الباطل على الحقّ إدالة مستقرّة يضمحلّ معها الحقّ، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره، وأنكر أن يكون قدّره لحكمة بالغة يستحقّ عليها الحمد، بل زعم أنّ ذلك لمشيئة مجرّدة، ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (ص/ ٢٧)) * «٢» .

١٢-* (قال الشّاعر:

فلا تظنن بربّك ظنّ سوء ... فإنّ الله أولى بالجميل

ولا تظنن بنفسك قطّ خيرا ... فكيف بظالم جان خجول

وظنّ بنفسك السّوءى تجدها ... كذلك خيرها كالمستحيل

وما بك من تقى فيها وخير ... فتلك مواهب الرّبّ الجليل

وليس لها ولا منها ولكن ... من الرّحمن فاشكر للدّليل

) * «٣» .

١٣-* (قال محمود الورّاق:

فلا تجزع وإن أعسرت يوما ... فقد أيسرت في الدّهر الطّويل

فإنّ العسر يتبعه يسار ... وقول الله أصدق كلّ قيل

فلا تظنن بربّك ظنّ سوء ... فإنّ الله أولى بالجميل

فلو أنّ العقول تفيد مالا ... لكان المال عند ذوي العقول

) * «٤» .


(١) البداية والنهاية لابن كثير (٩/ ١٨٠) .
(٢) تيسير العزيز الحميد (٦٧٥) .
(٣) المرجع السابق (٦٨٤) .
(٤) حسن الظن بالله لابن أبي الدنيا (١٢٣) .