للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ* وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ «١» .

وعن أبي موسى- رضي الله عنه-: قال: صلّينا المغرب مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثمّ قلنا؛ لو جلسنا حتّى نصلّي معه العشاء. قال: فجلسنا فخرج علينا فقال: «ما زلتم ههنا؟» قلنا: يا رسول الله! صلّينا معك المغرب، ثمّ قلنا نجلس حتّى نصلّي معك العشاء. قال: «أحسنتم أو أصبتم» . قال فرفع رأسه إلى السّماء وكان كثيرا ما يرفع رأسه إلى السّماء فقال: «النّجوم أمنة للسّماء «٢» فإذا ذهبت النّجوم أتى السّماء ما توعد. وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمّتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمّتي «٣» ما يوعدون «٤» .

- وقال صلّى الله عليه وسلّم- كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- في صلاة الكسوف: « ... ربّ ألم تعدني أن لا تعذّبهم وأنا فيهم؟ ألم تعدني أن لا تعذّبهم وهم يستغفرون؟» «٥» . وفي رواية « ... لم تعدني هذا وأنا فيهم، لم تعدني هذا ونحن نستغفرك» «٦» .

- وقال ابن عبّاس- رضي الله عنهما- «إنّ الله جعل في هذه الأمّة أمانين لا يزالون معصومين مجارين من قوارع العذاب ماداما بين أظهرهم فأمان قبضه الله إليه وأمان بقي فيكم قوله: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ «٧» .

٦- القسم بحياته: «٨»

أقسم الله تبارك وتعالى بأشياء كثيرة من مخلوقاته «٩» الدّالّة على كماله وعظمته ليؤكّد المعنى في نفوس


(١) سورة الأنفال: الآية (٣٣، ٣٤) .
(٢) أمنة للسماء: قال العلماء: الأمنة والأمن والأمان بمعنى، ومعنى الحديث: أن النجوم مادامت باقية فالسماء باقية، فإذا انكدرت النجوم وتناثرت يوم القيامة وهنت السماء فانفطرت وانشقت وذهبت.
(٣) فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون: معناه من ظهور البدع والحوادث في الدين والفتن فيه وغير ذلك. وهذه كلها من معجزاته صلّى الله عليه وسلّم. شرح الجمل السابقة النووي في شرحه على صحيح مسلم (١٦/ ٨٣) .
(٤) رواه مسلم برقم (٢٥٣١) .
(٥) رواه أبو داود برقم (١١٩٤) واللفظ له. والنسائي بمعناه (٣/ ١٣٨، ١٤٩) ، وصححه الألباني- انظر صحيح سنن أبي داود برقم (١٠٥٥) .
(٦) رواه النسائي (٣/ ١٨٣) ، ورواه الإمام أحمد في مسنده بمعناه (٢/ ١٥٩) ، وصحح إسناده أحمد شاكر في ترتيبه على المسند برقم (٦٤٨٣) ورقم (٦٧٦٣) .
(٧) رواه ابن أبي حاتم وابن جرير بمعناه- انظر تفسير ابن جرير (٩/ ١٥٤) ، وتفسير ابن كثير (٢/ ٣١٧) .
(٨) انظر الخصائص للسيوطي (٢/ ٣٢٢) .
(٩) للخالق سبحانه أن يقسم بما يشاء من مخلوقاته، أما المخلوق فلا يجوز له القسم والحلف إلا بالله تعالى وأسمائه وصفاته والأدلة على ذلك كثيرة منها: قوله صلّى الله عليه وسلّم «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» . رواه البخاري- الفتح ١١ (٦٦٤٦) . ومسلم برقم (٣/ ١٦٤٦) . قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله-: قال العلماء: السر في النهي عن الحلف بغير الله أن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده- انظر الفتح (١١/ ٥٤٠) .