للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على امرىء إلّا نفسه، فبسط يده وقال: «ذلك لك، تحلّ حيث شئت، ولا تجني عليك إلّا نفسك» . قال:

فانصرفنا، وقال: «ها إنّ ذين لعمر إلهك إن حدّثت ألا إنّهم من أتقى النّاس في الأولى والآخرة» . فقال له كعب بن الخداريّة أحد بني كعب بن كلاب: من هم يا رسول الله؟ قال: «بنو المنتفق أهل ذلك» . قال:

فانصرفنا، وأقبلت عليه، قلت: يا رسول الله، هل لأحد فيما مضى من خير في جاهليّتهم؟ قال: فقال رجل من عرض قريش. «والله إنّ أباك المنتفق في النّار» . قال:

فلكأنّما وقع حرّ بين جلدي ووجهي ممّا قال لأبي على رؤوس النّاس، فهممت أن أقول وأبوك يا رسول الله، فإذا الأخرى أجمل. فقلت: يا رسول الله، وأهلك؟

قال: «وأهلي لعمر الله، ما أتيت على قبر عامريّ أو قرشيّ، فقلت: أرسلني إليك محمّد أبشّرك بما يسوءك:

تجرّ على وجهك وبطنك في النّار» . قلت: يا رسول الله، ما فعل بهم ذلك وقد كانوا يحسنون، وكانوا يحسبون أنّهم مصلحون، قال: «ذاك بأنّ الله بعث في آخر كلّ سبع أمم، يعني نبيّا، فمن عصى نبيّه كان من الضّالّين، ومن أطاع نبيّه كان من المهتدين» ) * «١» .

١٦-* (عن يزيد بن حيّان عن زيد بن أرقم- رضي الله عنهما- قال: دخلنا عليه (أي على زيد) فقلنا له: لقد رأيت خيرا. لقد صاحبت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصلّيت خلفه. وساق الحديث بنحو حديث أبي حيّان. غير أنّه قال: «ألا وإنّي تارك فيكم ثقلين:

أحدهما كتاب الله- عزّ وجلّ-. هو حبل الله «٢» .

من اتّبعه كان على الهدى. ومن تركه كان على ضلالة» وفيه: فقلنا: من أهل بيته؟ نساؤه؟ قال: «لا. وايم الله! إنّ المرأة تكون مع الرّجل العصر من الدّهر «٣» .

ثمّ يطلّقها فترجع إلى أبيها وقومها. أهل بيته أصله، وعصبته الّذين حرموا الصّدقة بعده» ) * «٤» .

١٧-* (عن أبي بكرة- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال «الزّمان قد استدار كهيئتة يوم خلق السّماوات والأرض: السّنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم: ثلاثة متواليات- ذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم- ورجب مضر الّذي بين جمادى وشعبان. أيّ شهر هذا؟» قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتّى ظننّا أنّه سيسمّيه بغير اسمه، قال: «أليس ذو الحجّة؟» قلنا: بلى. قال: «فأيّ بلد هذا؟» قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتّى ظننّا أنّه سيسمّيه بغير اسمه، قال: «أليس البلدة؟» قلنا: بلى. قال: «فأيّ يوم هذا؟» قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتّى ظننّا أنّه سيسمّيه بغير اسمه. قال: «أليس يوم النّحر؟»


(١) رواه أحمد (٤/ ١٣، ١٤) والهيثمي في المجمع (١٠/ ٣٣٨) واللفظ له وقال: رواه عبد الله، والطبراني بنحوه وأحد طريقي عبد الله إسنادها متصل ورجالها ثقات والإسناد الآخر وإسناد الطبراني مرسل عن عاصم بن لقيط أن لقيطا. وهو في الطبراني الكبير (١٩/ ٤٧٧) وفي جامع المسانيد والسنن لابن كثير (١٠/ ٦٤٩) برقم (٨١٦٠) وقال تفرد به الإمام أحمد.
(٢) حبل الله: المراد بحبل الله عهده، وقيل: السبب الموصل إلى رضاه ورحمته، وقيل: هو نوره الذي يهدي به.
(٣) العصر من الدهر: أي القطعة منه.
(٤) مسلم (٢٤٠٨) .