للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولقد أعطاني ربّي عزّ وجلّ ولا فخر وغفر لي ما تقدّم من ذنبي وما تأخّر وأنا أمشي حيّا صحيحا وأعطاني أن لا تجوع أمّتي ولا تغلب وأعطاني الكوثر فهو نهر في الجنّة يسيل في حوضي وأعطاني العزّ والنّصر والرّعب يسعى بين يدي أمّتي شهرا وأعطاني أنّي أوّل الأنبياء أدخل الجنّة وطيّب لي ولأمّتي الغنيمة وأحلّ لنا كثيرا ممّا شدّد على من قبلنا ولم يجعل علينا من حرج» «١» .

١٣- كتاب خالد محفوظ: «٢»

أعطى الله- تبارك وتعالى- كلّ نبيّ من الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام من الآيات والمعجزات الدّالّة على صدقه وصحّة ما جاء به عن ربّه ما فيه كفاية وحجّة لقومه الّذين بعث إليهم، وهذه المعجزات كانت وقتيّة انقرض زمانها في حياتهم ولم يبق منها إلّا الخبر عنها.

وأمّا نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم فكانت معجزته العظمى الّتي اختصّ بها دون غيره هي القرآن العظيم. الحجّة المستمرّة الدّائمة القائمة في زمانه وبعده إلى يوم القيامة. كتاب خالد لا ينضب معينه ولا تنقضي عجائبه ولا تنتهي فوائده محفوظ بحفظ الله من التّغيير والتّبديل والتّحريف.

قال العزّ بن عبد السّلام- رحمه الله-: «ومن خصائصه أنّ معجزة كلّ نبيّ تصرّمت وانقرضت ومعجزة سيّد الأوّلين والآخرين وهي القرآن العظيم باقية إلى يوم الدّين» «٣» .

وقال: ... ومنها حفظ كتابه، فلو اجتمع الأوّلون والآخرون على أن يزيدوا فيه كلمة أو ينقصوا منه لعجزوا عن ذلك، ولا يخفى ما وقع من التّبديل في التّوراة والإنجيل» «٤» .

ومن أدلّة هذه الخصوصيّة:

قول الله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ «٥» .

وقوله تعالى: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ* لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ «٦» .

وقوله تعالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً «٧» .


(١) رواه الإمام أحمد في مسنده (٥/ ٣٩٣) . قال الحافظ الهيثمي: رواه أحمد وإسناده حسن- انظر مجمع الزوائد (١٠/ ٦٨، ٦٩) .
(٢) انظر الفصول: (ص ٢٨٧) ، وخصائص أفضل المخلوقين (ص ٣٩٨) ، والخصائص الكبرى (٢/ ٣١٥- ٣١٨) .
(٣) غاية السول في تفضيل الرسول (ص ٣٩) .
(٤) نفس المرجع السابق (ص ٧٠) .
(٥) سورة الحجر: آية رقم (٩) .
(٦) سورة فصلت: آية (٤١، ٤٢) .
(٧) سورة الإسراء: آية (٨٨) .