للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن جرير الطّبريّ- رحمه الله-: قال أكثر أهل العلم ذلك هو المقام الّذي يقومه صلّى الله عليه وسلّم يوم القيامة للشّفاعة للنّاس ليريحهم ربّهم من عظيم ما هم فيه من شدّة ذلك اليوم» «١» .

وقال ابن بطّال- رحمه الله-: « ... والجمهور على أنّ المراد بالمقام المحمود الشّفاعة وبالغ الواحدي فنقل فيه الإجماع» «٢» .

وقال ابن حجر- رحمه الله- بعد أن ذكر طرفا من أقوال أئمّة التّفسير: «والرّاجح أنّ المراد بالمقام المحمود الشّفاعة» «٣» .

- وعن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنهما-: رفعه، في قوله عزّ وجلّ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً «٤» قال: «يجمع النّاس في صعيد واحد يسمعهم الدّاعي وينفذهم البصر حفاة عراة كما خلقوا سكوتا لا تتكلّم نفس إلّا بإذنه، قال: فينادى: محمّد فأقول لبيّك وسعديك والخير في يديك، والشّرّ ليس إليك، المهديّ من هديت، وعبدك بين يديك، ولك وإليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلّا إليك، تباركت وتعاليت، سبحان ربّ البيت» فذلك المقام المحمود الّذي قال الله تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً «٥» .

- وقال ابن عبّاس- رضي الله عنهما-: «المقام المحمود: مقام الشّفاعة» «٦» .

وقد جاء ذكر المقام المحمود في بعض الأحاديث والآثار صريحا بالاسم، وفي بعضها الآخر تلميحا وذلك عند ذكر الشّفاعة العظمى أو غيرها من معاني المقام المحمود الّتي مرّت، وسيأتي اكثرها مفصّلا في مباحث بإذن الله، فممّا جاء صريحا:

- عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما-؛ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من قال حين يسمع النّداء: اللهمّ ربّ هذه الدّعوة التّامّة والصّلاة القائمة آت محمّدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الّذي وعدته، حلّت له شفاعتي يوم القيامة» «٧» .

- وعن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-؛ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الشّمس تدنو يوم القيامة حتّى يبلغ العرق نصف الأذن، فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم ثمّ بموسى ثمّ بمحمّد صلّى الله عليه وسلّم، فيشفع ليقضى بين


(١) انظر تفسير ابن جرير (١٥/ ٩٧) .
(٢) نقله عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (١١/ ٤٣٤) .
(٣) انظر فتح الباري (١١/ ٤٣٥) .
(٤) سورة الإسراء: آية (٧٩) .
(٥) رواه الحاكم في المستدرك (٢/ ٣٦٣) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. ورواه ابن جرير في تفسيره (١٥/ ٩٨) . قال الحافظ ابن حجر: رواه النسائي بإسناد صحيح من حديث حذيفة. انظر الفتح (٨/ ٢٥١) . وقال الحافظ ابن حجر في موضع آخر « ... ففي النسائي ومصنف عبد الرزاق ومعجم الطبراني من حديث حذيفة رفعه قال: « ... فذكره» إلى أن قال: قال ابن منده في كتاب الإيمان: هذا حديث مجمع على صحة إسناده وثقة رواته- انظر الفتح (١١/ ٤٤٥) .
(٦) رواه ابن جرير الطبري- انظر التفسير (١٥/ ٩٧) . وأورده ابن كثير في تفسيره (٣/ ٥٨) وهو قول مجاهد والحسن البصري وغيرهم.
(٧) رواه البخاري- الفتح ٨ (٤٧١٩) .