للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك إنّي أحبّ أن يكون عندي من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كتاب، فخرج حتّى جاء بنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال:

يا رسول الله، إنّ هذا الرّجل من أهل البادية صديق لنا يريد أن يكون له كتاب أن لا يتعدّى عليه في صدقته.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هذا له ولكلّ مسلم» قال:

يا رسول الله، إنّه قد أحبّ أن يكون عنده كتاب على ذلك. قال: فكتب لنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذا الكتاب) * «١» .

٨-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: عدا يهوديّ في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على جارية فأخذ أوضاحا «٢» كانت عليها ورضخ «٣» رأسها، فأتى بها أهلها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: وهي في آخر رمق «٤» وقد أصمتت فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من قتلك؟ فلان؟» لغير الّذي قتلها؟ فأشارت برأسها أن لا. قال: فقال لرجل آخر غير الّذي قتلها فأشارت أن لا. فقال فلان؟ لقاتلها فأشارت أن نعم. فأمر به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فرضخ رأسه بين حجرين) * «٥» .

٩-* (عن عليّ- رضي الله عنه- قال: كانت لي شارف «٦» من نصيبي من المغنم يوم بدر، وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أعطاني شارفا من الخمس، فلمّا أردت أن أبتني «٧» بفاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واعدت رجلا صوّاغا من بني قينقاع أن يرتحل معي فنأتي بإذخر «٨» أردت أن أبيعه الصّوّاغين وأستعين به في وليمة عرسي.

فبينا أنا أجمع لشار فيّ متاعا من الأقتاب والغرائر والحبال- وشارفاي مناختان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار. فرجعت حين جمعت ما جمعت- فإذا شارفاي قد اجتبّ أسنمتهما «٩» ، وبقرت «١٠» خواصرهما، وأخذ من أكبادهما، ولم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر منهما، فقلت: من فعل هذا؟

فقالوا فعله حمزة بن عبد المطّلب- وهو في هذا البيت في شرب «١١» من الأنصار- فانطلقت حتّى أدخل على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعنده زيد بن حارثة- فعرف النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في وجهي الّذي لقيت، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «مالك؟» فقلت: يا رسول الله، ما رأيت كاليوم قطّ، عدا حمزة على ناقتيّ فجبّ أسنمتهما، وبقر خواصرهما وها هو ذا في بيت معه شرب فدعا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بردائه فارتدى،


(١) قال في مجمع الزوائد: رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله رجال الصحيح (٣/ ٨٣) وهو في أحمد (١/ ١٦٤) وقال شاكر (٢/ ٣٧١) برقم (١٤٠٤) إسناده صحيح.
(٢) أوضاحا: حليا من فضة.
(٣) رضخ الحصى: كسره، ورضخ به الأرض: جلده بها وراضخ فلانا بالحجارة: راماه بها. والمعنى: أنه ضربها بحجر ونحوه فشج رأسها فأفضى بها إلى الموت.
(٤) الرمق: الحياة، وآخر رمق معناه: في آخر لحظات حياتها.
(٥) البخاري الفتح ٩ (٥٢٩٥) واللفظ له، ومسلم (١٦٧٢)
(٦) الشارف: الناقة المسنة. والمثنى شارفان. والجمع: شوارف: ومشارفاي: ناقتاي
(٧) ابتني بفاطمة: أتزوجها.
(٨) الإذخر: حشيش طيب الريح تسقف به البيوت فوق الخشب
(٩) اجتبّ أسنمتهما: جب معناه: قطع. والأسنمة: جمع سنام وهو أعلى ظهر الجمل أو الناقة. والمعنى: قطع أعلى ظهر ناقتى.
(١٠) بقرت خواصرهما: بقر: شقّ. والخواصر جمع خاصرة وهي الجنب: والمعنى أنه: شقت جوانبهما.
(١١) الشرّب: جمع شارب. وهم الذين يشربون الخمر ولم تكن الخمر قد حرمت بعد.