للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمّ انطلق يمشي واتّبعته أنا وزيد بن حارثة حتّى جاء البيت الّذي فيه حمزة فاستأذن، فأذنوا له، فإذا هم شرب، فطفق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يلوم حمزة فيما فعل، فإذا حمزة قد ثمل محمرّة عيناه، فنظر حمزة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثمّ صعّد النّظر، فنظر إلى ركبتيه، ثمّ صعّد النّظر إلى سرّته، ثمّ صعّد النظر فنظر إلى وجهه، ثمّ قال حمزة: هل أنتم إلّا عبيد لأبي؟ فعرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قد ثمل. فنكص رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على عقبيه القهقرى «١» ، وخرجنا معه) * «٢» .

١٠-* (عن أمّ سلمة- رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بيتي فجاء رجل فقال:

يا رسول الله، ما صدقة كذا وكذا؟ قال: كذا وكذا. قال:

فإنّ فلانا تعدّى عليّ فنظروه فوجدوه قد تعدّى عليه بصاع فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «فكيف بكم إذا سعى من يتعدّى عليكم أشدّ من هذا التّعدّي؟» .

وزاد الطّبرانيّ بعد قوله: أشدّ من هذا التعدّي:

فخاض القوم وبهرهم الحديث حتّى قال رجل منهم:

كيف يا رسول الله إذا كان رجل غائب عنك في إبله وماشيته وزرعه فأدّى زكاة ماله فتعدّي عليه، فكيف يصنع وهو عنك غائب؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من أدّى زكاة ماله طيّب النّفس بها يريد بها وجه الله والدّار الآخرة فلم يغيّب شيئا من ماله وأقام الصلاة ثمّ أدّى الزّكاة فتعدّي عليه في الحقّ فأخذ سلاحه فقاتل فقتل فهو شهيد» ) * «٣» .

١١-* (عن جرير بن عبد الله- رضي الله عنه- قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «المتعدّي في الصّدقة كمانعها» ) * «٤» .

١٢-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «المستبّان ما قالا، فعلى البادئ ما لم يعتد المظلوم» ) * «٥» .

١٣-* (عن معاذ بن أنس- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من بنى بنيانا من غير ظلم ولا اعتداء أو غرس غرسا في غير ظلم ولا اعتداء كان له أجر ما انتفع به من خلق الله تبارك وتعالى» ) * «٦» .


(١) نكص على عقبيه: رجع القهقرى: الرجوع إلى خلف. والثّمل بفتح الثاء والميم: السكر، وثمل معناه سكر. والمعنى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عرف أن حمزة- رضي الله عنه- حين قال ما قال كان به سكر فرجع إلى الخلف. ولم يستمر في لومه إذ لا فائدة حينئذ في لومه وقد يتصرف بما لا يليق.
(٢) البخاري الفتح ٦ (٣٠٩١) واللفظ له، ومسلم (١٩٧٩) .
(٣) أحمد (٦/ ٣٠١) ، وقال الهيثمي في المجمع (٣/ ٨٢) : رواه أحمد هكذا. وقال رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجال الجميع رجال الصحيح. نقله الهيثمي بلفظه. ونقل زيادة الطبراني.
(٤) أبو داود (١٥٨٥) ، ابن ماجة (١٨٠٨) واللفظ متفق عليه عندهما. وقال محقق جامع الأصول: إسناده حسن (٤/ ٦٥٠) ، الهيثمي في المجمع وقال: رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات (٣/ ٨٣) . وخرجه الترمذي من حديث أنس وقال: غريب وفيه راو تكلم فيه أحمد (٣/ ٣٨) برقم (٦٤٦) .
(٥) مسلم (٢٥٨٧) .
(٦) أحمد (٣/ ٤٣٨) ، ذكره الهيثمي في المجمع وعزاه لأحمد وقال: فيه زبّان. وثقه ابن حبان وفيه كلام (٣/ ١٣٤) .