للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبى» . قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: «من أطاعني دخل الجنّة، ومن عصاني فقد أبى» ) * «١» .

١٩-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: قلّما كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقوم من مجلس حتّى يدعو بهؤلاء الدّعوات لأصحابه: «اللهمّ اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلّغنا به جنّتك. ومن اليقين ما تهوّن به علينا مصيبات الدّنيا، ومتّعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوّتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منّا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدّنيا أكبر همّنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلّط علينا من لا يرحمنا» ) * «٢» .

٢٠-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: «كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورّع عن ذنب عمله. فأتته امرأة فأعطاها ستّين دينارا على أن يطأها فلمّا قعد منها مقعد الرّجل من امرأته أرعدت فبكت فقال: ما يبكيك. أكرهت؟ قالت: لا. ولكن هذا عمل لم أعمله قطّ، وإنّما حملني عليه الحاجة. قال: فتفعلين هذا ولم تفعليه قطّ؟ قال: ثمّ نزل فقال: اذهبي والدّنانير لك. قال: ثمّ قال: والله لا يعصي الكفل ربّه أبدا. فمات من ليلته، وأصبح مكتوبا على بابه: قد غفر للكفل» ) * «٣» .

٢١-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: لمّا نزلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (البقرة/ ٢٨٤) قال: فاشتدّ ذلك على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ثمّ بركوا على الرّكب. فقالوا: أي رسول الله؛ كلّفنا من الأعمال ما نطيق، الصّلاة والصّيام والجهاد والصّدقة.

وقد أنزلت عليك هذه الآية، ولا نطيقها. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.» فلمّا اقترأها القوم ذلّت بها ألسنتهم. فأنزل الله في إثرها آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (البقرة/ ٢٨٥) فلمّا فعلوا ذلك نسخها الله تعالى. فأنزل الله- عزّ وجلّ- لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا (قال: نعم) رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا (قال: نعم) رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ (قال: نعم) وَاعْفُ عَنَّا


(١) البخاري- الفتح ١٣ (٧٢٨٠) .
(٢) الترمذي (٣٥٠٢) واللفظ له. وقال: هذا حديث حسن غريب، والحاكم في المستدرك (١/ ٥٢٨) ، وصححه ووافقه الذهبي.
(٣) الترمذي (٢٤٩٦) وقال: هذا حديث حسن. والحاكم في المستدرك (٤/ ٢٥٥) واللفظ له. وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.