للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: اخرج إلينا في ثلاثين رجلا من أصحابك، وليخرج منّا ثلاثون حبرا حتّى نلتقي- بمكان المنصف فيسمعوا منك، فإن صدّقوك وآمنوا بك آمنّا بك،

فقصّ خبرهم. فلمّا كان الغد غدا عليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالكتائب فحصرهم فقال لهم:

«إنّكم والله لا تأمنون عندي إلّا بعهد تعاهدوني عليه» فأبوا أن يعطوه عهدا، فقاتلهم يومهم ذلك، ثمّ غدا على بني قريظة بالكتائب، وترك بني النّضير، ودعاهم إلى أن يعاهدوه، فعاهدوه فانصرف عنهم، وغدا على بني النّضير بالكتائب فقاتلهم حتّى نزلوا على الجلاء.

فجلت بنو النّضير، واحتملوا ما أقلّت الإبل من أمتعتهم، وأبواب بيوتهم وخشبها، فكان نخل بني النّضير لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم خاصّة. أعطاه الله إيّاها، وخصّه بها، فقال: وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ يقول: بغير قتال.

فأعطى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. أكثرها للمهاجرين، وقسّمها بينهم، وقسم منها لرجلين من الأنصار، وكانا ذوي حاجة. لم يقسم لأحد من الأنصار غيرهما، وبقي منها صدقة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الّتي في أيدي بني فاطمة رضي الله عنها» ) * «١» .

١٩-* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قاتل أهل خيبر فغلب على النّخل والأرض، وألجأهم إلى قصرهم، فصالحوه على أنّ لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم الصّفراء، والبيضاء، والحلقة، ولهم ما حملت ركابهم، على أن لا يكتموا ولا يغيّبوا شيئا. فإن فعلوا فلا ذمّة لهم، ولا عهد، فغيّبوا مسكا «٢» لحييّ بن أخطب- وقد كان قتل قبل خيبر- كان احتمله معه يوم بني النّضير، حين أجليت النّضير. فيه حليّهم. قال: فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لسعية: «أين مسك حييّ بن أخطب» ؟ قال:

أذهبته الحروب والنّفقات. فوجدوا المسك. فقتل ابن أبي الحقيق وسبى نساءهم وذراريهم. وأراد أن يجليهم فقالوا: يا محمّد. دعنا نعمل في هذه الأرض. ولنا الشّطر ما بدا لك، ولكم الشّطر، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعطي كلّ امرأة من نسائه ثمانين وسقا من تمر، وعشرين وسقا من شعير» ) * «٣» .

٢٠-* (عن عمران بن حصين- رضي الله عنهما- قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «خيركم قرني، ثمّ الّذين يلونهم، ثمّ الّذين يلونهم» - قال عمران: لا أدري أذكر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعد قرنين أو ثلاثة- قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

«إنّ بعدكم قوما يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يفون، ويظهر فيهم السّمن «٤» » ) * «٥» .


(١) أبو داود (٣٠٠٤) واللفظ له. وقال: الألباني ٢/ ٥٨٢ برقم (٢٥٩٥) : صحيح الإسناد.
(٢) معنى: المسك: جلد لحيي بن أخطب كان فيه ذخيرة من صامت وحلي قومت بعشرة آلاف دينار كانت أولا في مسك حمل ثم في مسك ثور ثم في مسك جمل.
(٣) أبو داود (٣٠٠٦) واللفظ له. وقال الألباني ٢/ ٥٨٤ برقم (٢٥٩٧) : حسن الإسناد.
(٤) يظهر فيهم السّمن: أي يحبون التوسع في المآكل والمشارب، وهي أسباب السمن. وقيل: المراد يظهر فيهم كثرة المال.
(٥) البخاري- الفتح ٥ (٢٦٥١) واللفظ له. ومسلم (٢٥٣٥) .