للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلّى الله عليه وسلّم ليراجعنه، وتهجره إحداهنّ اليوم إلى اللّيل، فقلت: قد خاب من فعل ذلك منهنّ وخسر، أفتأمن إحداهنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسوله صلّى الله عليه وسلّم.

فإذا هي قد هلكت؟ فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قلت:

يا رسول الله! قد دخلت على حفصة فقلت: لا يغرّنّك أن كانت جارتك هي أوسم منك وأحبّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منك فتبسّم أخرى فقلت: أستأنس «١» يا رسول الله! قال: «نعم» فجلست. فرفعت رأسي في البيت.

فو الله! ما رأيت فيه شيئا يردّ البصر، إلّا أهبا «٢» ثلاثة.

فقلت: ادع الله يا رسول الله! أن يوسّع على أمّتك. فقد وسّع على فارس والرّوم. وهم لا يعبدون الله. فاستوى جالسا ثمّ قال: «أفي شكّ أنت يابن الخطّاب؟! أولئك قوم عجّلت لهم طيّباتهم في الحياة الدّنيا» ، فقلت: استغفر لي، يا رسول الله! وكان أقسم أن لا يدخل عليهنّ شهرا من شدّة موجدته «٣» عليهنّ.

حتّى عاتبه الله عزّ وجلّ) * «٤» .

٦-* (عن أبي أسماء الرّحبيّ أنّ ثوبان مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حدّثه قال: جاءت بنت هبيرة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وفي يدها فتخ (أي خواتيم ضخام) فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يضرب يدها فدخلت على فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تشكو إليها الّذي صنع بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فانتزعت فاطمة سلسلة في عنقها من ذهب، وقالت: هذه أهداها إليّ أبو حسن «٥» فدخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والسّلسلة في يدها، فقال: «يا فاطمة أيغرّك أن يقول النّاس: ابنة رسول الله، وفي يدها سلسلة من نار، ثمّ خرج ولم يقعد فأرسلت فاطمة بالسّلسلة إلى السّوق فباعتها واشترت بثمنها غلاما وقال مرّة: عبدا وذكر كلمة معناها فأعتقته فحدّث بذلك فقال:

«الحمد لله الّذي أنجى فاطمة من النّار» ) * «٦» .

٧-* (عن شيخ من بني مالك بن كنانة قال:

رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسوق ذي المجاز يتخلّلها.

يقول «يا أيّها النّاس قولوا لا إله إلّا الله تفلحوا» قال:

وأبو جهل يحثي عليه التّراب، ويقول: أيّها النّاس لا يغرّنّكم هذا عن دينكم، فإنّما يريد لتتركوا آلهتكم، ولتتركوا اللّات والعزّى، قال: وما يلتفت إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ... الحديث» ) * «٧» .


(١) أستأنس: الظاهر من إجابته صلّى الله عليه وسلّم أن الاستنئاس هنا هو الاستئذان في الأنس والمحادثة، ويدل عليه قوله: فجلست.
(٢) أهبا ثلاثة: جمع إهاب وهو الجلد غير المدبوغ.
(٣) من شدة موجدته: أي غضبه.
(٤) مسلم ٢ (١٤٧٩) .
(٥) أبو حسن هو عليّ- رضي الله عنه- وهو زوج السيدة فاطمة- رضي الله عنها-.
(٦) سنن النسائي ٨/ ١١٦ رقم (٥١٤٠) ، وأحمد في المسند (٥/ ٢٧٨) ، وقال محقق جامع الأصول (٤/ ٧٢٨) : وإسناده صحيح.
(٧) المسند (٥/ ٣٧٦) برقم (٢٣٢٥٤) ، وذكره الهيثمي في المجمع ٦/ ٢٢، وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.