للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا القائل ليس بطائل لأنّه إنّما أتى باسمه الكريم ينبّه على أنّه لا ينبغي أن يقابل الكريم بالأفعال القبيحة وأعمال الفجور) * «١» .

١٤-* (روى الدّارميّ في سننه عن بعض الفقهاء أنّه قال: يا صاحب العلم اعمل بعلمك، وأعط فضل مالك، واحبس الفضل من قولك إلّا بشيء من الحديث ينفعك عند ربّك، يا صاحب العلم إنّ الّذي علمت ثمّ لم تعمل به قاطع حجّتك ومعذرتك عند ربّك إذا لقيته، يا صاحب العلم إنّ الّذي أمرت به من طاعة الله ليشغلك عمّا نهيت عنه من معصية الله، يا صاحب العلم لا تكوننّ قويّا في عمل غيرك ضعيفا في عمل نفسك، يا صاحب العلم لا يشغلنّك الّذي لغيرك عن الّذي لك، يا صاحب العلم عظّم العلماء، وزاحمهم، واستمع منهم، ودع منازعتهم، يا صاحب العلم عظّم العلماء لعلمهم، وصغّر الجهّال لجهلهم، ولا تباعدهم وقرّبهم وعلّمهم، يا صاحب العلم لا تحدّث بحديث في مجلس حتّى تفهمه، ولا تجب امرأ في قوله حتّى تعلم ما قال لك، يا صاحب العلم لا تغترّ بالله، ولا تغترّ بالنّاس فإنّ الغرّة بالله ترك أمره، والغرّة بالنّاس اتّباع هواهم، واحذر من الله ما حذّرك من نفسه، واحذر من النّاس فتنتهم، يا صاحب العلم إنّه لا يكمل ضوء النّهار إلّا بالشّمس كذلك لا تكمل الحكمة إلّا بطاعة الله، يا صاحب العلم إنّه لا يصلح الزّرع إلّا بالماء والتّراب، كذلك لا يصلح الإيمان إلّا بالعلم والعمل، يا صاحب العلم كلّ مسافر متزوّد وسيجد إذا احتاج إلى زاده ما تزّود، وكذلك سيجد كلّ عامل إذا احتاج إلى عمله في الآخرة ما عمل في الدّنيا، يا صاحب العلم إذا أراد الله أن يحضّك على عبادته فاعلم أنّه إنّما أراد أن يبيّن لك كرامتك عليه، فلا تحوّلنّ إلى غيره فترجع من كرامته إلى هوانه، يا صاحب العلم إنّك إن تنقل الحجارة والحديد أهون عليك من أن تحدّث من لا يقبل حديثك، ومثل الّذي يحدّث من لا يقبل حديثه كمثل الّذي ينادي الميّت ويضع المائدة لأهل القبور) * «٢» .

١٥-* (قال الغزاليّ- رحمه الله تعالى-:

وكان أرباب البصائر إذا أقبلت عليهم الدّنيا حزنوا، وقالوا: ذنب عجّلت عقوبته، ورأوا ذلك علامة المقت والإهمال، وإذا أقبل عليهم الفقر قالوا: مرحبا بشعار الصّالحين، والمغرور إذا أقبلت عليه الدّنيا ظنّ أنّها كرامة من عند الله، وإذا احترفت عنه ظنّ أنّها هوان) * «٣» .

١٦-* (قال عون بن عبد الله: إذا عصتك نفسك فيما كرهت فلا تطعها فيما أحببت، ولا يغرّنّك ثناء من جهل أمرك) * «٤» .


(١) تفسير الطبري (١٩/ ١٦١) .
(٢) سنن الدارمي ج ١ ص ١٥٨- ١٥٩.
(٣) إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي (٣/ ٤٠٤) .
(٤) أدب الدنيا والدين ص ٢٣٠.