للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدلّ على أنّ الغضب من أخلاق النّاقصين: أنّ المريض أسرع غضبا من الصّحيح، والمرأة أسرع غضبا من الرّجل، والصّبيّ أسرع غضبا من الرّجل الكبير، والشّيخ الضّعيف أسرع غضبا من الكهل، وذا الخلق السّيّء والرّذائل القبيحة أسرع غضبا من صاحب الفضائل، فالرّذل يغضب لشهوته إذا فاتته اللّقمة، ولبخله إذا فاتته الحبّة، حتّى إنّه يغضب على أهله وولده وأصحابه. بل القويّ من يملك نفسه عند الغضب» ) * «١» .

١٥-* (وقال- رحمه الله تعالى-: «حال القلب عند الغضب في الاضطراب أشدّ من حال السّفينة عند اضطراب الأمواج في لجّة البحر، إذ في السّفينة من يحتال لتسكينها وتدبيرها وسياستها أمّا القلب فهو صاحب السّفينة وقد سقطت حيلته بعد أن أعماه الغضب وأصمّه. ويظهر ذلك على أعضائه وكلامه وفعاله، ولو رأى الغضبان في حالة غضبه قبح صورته لسكن غضبه حياء من قبح صورته واستحالة خلقته، وقبح الباطن أعظم من قبح الظّاهر فإنّ الظّاهر عنوان الباطن، وإنّما قبحت صورة الباطن أوّلا ثمّ انتشر قبحها إلى الظّاهر ثانيا، وأمّا في اللّسان فأثره بالشّتم والفحش الّذي يستحي منه قائله عند سكون الغضب فضلا عن تخبّط النّظم واضطراب اللّفظ، وأمّا أثره على الأعضاء فالضّرب والتّهجّم والتّمزيق والقتل للمغضوب عليه وإذا فلت منه بسبب عجز أو غيره فقد يرجع إلى صاحبه فربّما مزّق ثوب نفسه أو لطم وجهه وربّما ضرب بيده على الأرض. وأمّا أثره في القلب على المغضوب عليه فالحقد والحسد واضحا والسّوء والشّماتة بالمساءات» ) * «٢» .

١٦-* (قال ابن القيّم- رحمه الله تعالى-:

«دخل النّاس النّار من ثلاثة أبواب: «باب شبهة أورثت شكّا في دين الله، وباب شهوة أورثت تقديم الهوى على طاعته ومرضاته وباب غضب أورث العدوان على خلقه» ) * «٣» .

١٧-* (قال بعض الحكماء لابنه: «يا بنيّ لا يثبت العقل عند الغضب كما لا تثبت روح الحيّ في التّنانير المسجورة، فأقلّ النّاس غضبا أعقلهم، فإن كان لدنيا كان دهاء ومكرا وإن كان للآخرة كان حلما وعلما، فقد قيل: الغضب عدوّ العقل والغضب غول العقل» ) * «٤» .

١٨-* (وقال آخر: «من أطاع شهوته وغضبه قاداه إلى النّار» ) * «٥» .

١٩-* (قال بعض الحكماء: «الغضب على من لا تملك عجز، وعلى من تملك لؤم» ) * «٦» .

٢٠-* (وقال آخر: «إيّاك وعزّة الغضب فإنّها تفضي إلى ذلّ الاعتذار» ) * «٧» .


(١) مستفاد من الإحياء (٣/ ١٨٤) .
(٢) المرجع السابق (١٧٩) بتصرف.
(٣) الفوائد (٥٩) .
(٤) الإحياء (١٧٧) .
(٥) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(٦) أدب الدنيا والدين (٢٥١) .
(٧) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.