للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القسمة، وكلّ من خان في شيء خفية فقد غلّ، وسمّي ذلك غلولا لأنّ الأيدي فيها مغلولة، أي ممنوعة مجعول فيها غلّ (أي قيد) وهو الحديدة الّتي تجمع يد الأسير إلى عنقه «١» ، وقد ذهب ابن حجر إلى أنّ الغلول مأخوذ من معنى الإخفاء فقال: سمّي الغلول غلولا لأنّ صاحبه يغلّه في متاعه أي يخفيه فيه «٢» ، وربّما ترجّح ذلك بما ذكره القرطبيّ من أنّ الغلول هو أن يأخذ الغالّ من المغنم شيئا يستره عن أصحابه وذكر من ذلك (المعنى) تغلغل الماء في الشّجر إذا تخلّلها، والغلل وهو الماء الجاري في أصول الشّجر لأنّه مستتر بين الأشجار، والغلالة للثّوب الّذي يلبس تحت الثّياب «٣» ، ثمّ أطلق لفظ الغلول على الخيانة في كلّ شيء، ومن ذلك الحديث الشّريف: ثلاث لا يغلّ عليهنّ قلب مؤمن «٤» قال ابن الأثير: الغلول هنا الخيانة: في كلّ شيء، وقال أبو عبيد «٥» : يروى الحديث:

لا يغلّ (بضمّ الياء وكسر الغين) ، ويروى «لا يغلّ» (بفتح الياء وكسر الغين) فمن قال يغلّ بالفتح فإنّه يجعله من الغلّ وهو الضّغن والشّحناء، ومن قال يغلّ (بضمّ الياء) جعله من الخيانة من الإغلال، وأمّا الغلول فإنّه من المغنم خاصّة، يقال منه: غلّ يغلّ غلولا ولا نراه من الأوّل ولا من الثّاني، وممّا يبيّن ذلك أنّه يقال من الخيانة أغلّ يغلّ، ويقال من الغلّ: غلّ يغلّ، ويقال من الغلول: غلّ يغلّ (بضمّ الغين) فهذه الوجوه مختلفة «٦» . وقال ابن الأثير وروي الحديث يغل بالتّخفيف من الوغول وهو الدّخول في الشّرّ. قال:

والمعنى أنّ هذه الخلال الثّلاث تستصلح بها القلوب، فمن تمسّك بها طهر قلبه من الخيانة والدّغل والشّرّ «٧» .

[الغلول اصطلاحا:]

قال الكفويّ: الغلول الخيانة في بيت مال أو زكاة أو غنيمة وقيّده أبو عبيدة بالغنيمة فقط «٨» .

وقال ابن حجر: الغلول (في الغنيمة) هو اختصاص أحد الغزاة، سواء الأمير أو غيره بشيء من مال الغنيمة قبل القسمة من غير أن يحضره إلى أمير الجيوش ليخمّسه، وإن قلّ المأخوذ «٩» .

[أنواع الغلول:]

للغلول أنواع عديدة منها:


(١) النهاية (٣/ ٣٨٠) .
(٢) فتح الباري (٦/ ١٦٥) .
(٣) تفسير القرطبي (٤/ ١٦٥) .
(٤) انظر الحديث كاملا في قسم الأحاديث رقم (٢١) .
(٥) أبو عبيد هو القاسم بن سلّام الهروي، له مؤلفات عديدة منها الغريب المصنف، وغريب الحديث، ويعد غريب الحديث لأبي عبيد أقدم ما وصلنا من كتب الغريب.
(٦) غريب الحديث لأبي عبيد، ت: حسين شرف (١/ ٢٥٣) ، وقد نقل كلامه ابن الأثير في النهاية (٣/ ٣٨١) ، والفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز (٤/ ١٤٥) ، وابن منظور في لسان العرب (غلل) (٣٢٨٦) .
(٧) النهاية لابن الأثير (٣/ ٣٨١) .
(٨) الكليات (٦٧١) ت: عدنان درويش، ومحمد المصري، وقد نقل الكفوي معنى «الغنيمة» خاصة عن أبي عبيدة، والصواب أبو عبيد القاسم بن سلام، انظر غريب الحديث لأبي عبيد (١/ ٢٥٣) .
(٩) الزواجر لابن حجر (٢/ ٢٩٣- ٢٩٤) .