للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- وعن أنس بن مالك- رضي الله عنه-؛ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أتاني جبريل عليه السّلام وفي يده مرآة بيضاء فيها نكتة سوداء. فقلت: ما هذه يا جبريل؟ قال: هذه الجمعة يعرضها عليك ربّك لتكون لك عيدا ولقومك من بعدك تكون أنت الأوّل وتكون اليهود والنّصارى من بعدك. قال: ما لنا فيها. قال: لكم فيها خير، لكم فيها ساعة من دعا ربّه فيها بخير هو له قسم إلّا أعطاه إيّاه وليس له بقسم إلّا ودخر له ما هو أعظم منه أو تعوّذ فيها من شرّ هو مكتوب إلّا أعاذه من أعظم منه. قلت: ما هذه النكتة السّوداء فيه؟ قال: هذه السّاعة تقوم يوم الجمعة وهو سيّد الأيّام عندنا ونحن ندعوه في الآخرة يوم المزيد. قال: قلت: لم تدعونه يوم المزيد؟ قال: إنّ ربّك عزّ وجلّ اتّخذ في الجنّة واديا أفيح من المسك أبيض، فإذا كان يوم الجمعة نزل تبارك وتعالى من علّيّين على كرسيّه حتّى حفّ الكرسيّ بمنابر من نور وجاء النّبيّون حتّى يجلسوا عليها ثمّ حفّ المنابر بكراسيّ من ذهب ثمّ جاء الصّدّيقون والشّهداء حتّى يجلسوا عليها ثمّ يجيء أهل الجنّة حتّى يجلسوا على الكثيب فيتجلّى لهم الله تبارك وتعالى حتّى ينظروا إلى وجهه وهو يقول أنا الّذي صدقتكم وعدي وأتممت عليكم نعمتي هذا محلّ كرامتي فسلوني، فيسألوه الرّضا، فيقول الله عزّ وجلّ: رضائي أحلّكم داري وأنّ لكم كرامتي فسلوني، فيسألوه حتّى تنتهي رغبتهم، فيفتح لهم عند الله ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر إلى مقدار منصرف النّاس يوم الجمعة ثمّ يصعد الله تبارك وتعالى على كرسيّه فيصعد معه الشّهداء والصّدّيقون، أحسبه قال: ويرجع أهل الغرف إلى غرفهم درّة بيضاء لا قصم فيها ولا فصم أو ياقوتة حمراء أو زبرجدة خضراء منها غرفا وأبوابها مطردة فيها أنهارها متدلّية فيها ثمارها فيها أزواجها وخدمها فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى يوم الجمعة ليزدادوا فيه كرامة وليزدادوا فيه نظرا إلى وجهه تبارك وتعالى ولذلك دعي يوم المزيد» «١» .

التّجاوز عن الخطإ والنّسيان وحديث النّفس:

أنعم الله تبارك وتعالى على أمّة الإسلام بنعم كثيرة لا تعدّ ولا تحصى، وفي ذلك تكريم لنبيّها محمّد صلّى الله عليه وسلّم، ومن هذه النّعم أنّه تجاوز لها عمّا صدر منها على سبيل الخطإ والنّسيان، وتجاوز لها عمّا حدّثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلّم.

والأدلّة على ذلك كثيرة.

- عن أبي هريرة- رضي الله عنه-؛ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله تجاوز لأمّتي ما حدّثت به نفسها ما لم يتكلّموا أو يعملوا به» «٢» .


(١) قال الحافظ الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات، ورواه أبو يعلى ورجال أبو يعلى رجال الصحيح. انظر مجمع الزوائد (٢/ ١٦٤) ، (١٠/ ٤٢١، ٤٢٢) .
(٢) رواه البخاري، انظر فتح الباري ١١ (٦٦٦٤) ورواه مسلم برقم (١٢٧) .