للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

برجل من العبلات «١» يقال له مكرز. يقوده إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. على فرس مجفّف «٢» . في سبعين من المشركين.

فنظر إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «دعوهم. يكن لهم بدء الفجور وثناه «٣» » . فعفا عنهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وأنزل الله: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ (الفتح: ٢٤) الآية كلّها) * «٤» .

١٤-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لم يكذب إبراهيم النّبيّ- عليه السّلام- قطّ إلّا ثلاث كذبات «٥» : ثنتين في ذات الله.

قوله: إنّي سقيم. وقوله: بل فعله كبيرهم هذا. وواحدة في شأن سارة. فإنّه قدم أرض جبّار ومعه سارة. وكانت أحسن النّاس. فقال لها: إنّ هذا الجبّار، إن يعلم أنّك امرأتي، يغلبني عليك. فإن سألك فأخبريه أنّك أختي.

فإنّك أختي في الإسلام. فإنّي لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلمّا دخل أرضه رآها بعض أهل الجبّار. أتاه، فقال له: لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي لها أن تكون إلّا لك. فأرسل إليها فأتي بها. فقام إبراهيم- عليه السّلام- إلى الصّلاة. فلمّا دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها. فقبضت يده قبضة شديدة. فقال لها: ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرّك.

ففعلت. فعاد. فقبضت أشدّ من القبضة الأولى. فقال لها مثل ذلك. ففعلت. فعاد. فقبضت أشدّ من القبضتين الأوليين. فقال: ادعي الله أن يطلق يدي.

فلك الله أن لا أضرّك. ففعلت وأطلقت يده. ودعا الّذي جاء بها فقال له: إنّك إنّما أتيتني بشيطان. ولم تأتني بإنسان. فأخرجها من أرضي، وأعطها هاجر.

قال: فأقبلت تمشي. فلمّا رآها إبراهيم- عليه السّلام- انصرف. فقال لها مهيم؟ «٦» ؟ قالت: خيرا. كفّ الله يد الفاجر. وأخدم خادما «٧» » ) * «٨» .

١٥-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لينتهينّ أقوام يفتخرون بآبائهم الّذين ماتوا إنّما هم فحم جهنّم، أو ليكوننّ أهون على الله من الجعل الّذي يدهده «٩» الخرء بأنفه، إنّ الله قد أذهب عنكم عبّيّة «١٠» الجاهليّة، إنّما هو مؤمن تقيّ، وفاجر شقيّ، النّاس كلّهم بنو آدم وآدم خلق من


(١) العبلات: قال الجوهري في الصحاح: العبلات من قريش، وهم أمية الصغرى. والنسبة إليهم عبلي. ترده إلى الواحد.
(٢) مجفف: أي عليه تجفاف. وهو ثوب كالجل يلبسه الفرس ليقيه السلاح. وجمعه تجافيف.
(٣) يكن لهم بدء الفجور وثناه: البدء هو الابتداء. وأما ثناه فمعناه عودة ثانية. قال في النهاية: أي أوله وآخره والثنى الأمر يعاد مرتين.
(٤) مسلم ٣ (١٨٠٧) .
(٥) قال أبو البقاء: الجيّد أن يقال بفتح الذال في الجمع.
(٦) مهيم: أي ما شأنك؟ وما خبرك؟.
(٧) وأخدم خادما: أي وهبني خادما وهي هاجر. ويقال: آجر. والخادم يقع على الذكر والأنثى.
(٨) البخاري- الفتح ٦ (٣٣٥٨) ، ومسلم (٢٣٧١) واللفظ له.
(٩) يدهده الخرء: أي يدحرجه أمامه وهذه طبيعة الجعل وهو المسمى عند العامة بالجعران.
(١٠) عبّيّة الجاهلية: أي تخونها وكبرها وأصلها من العب وهو الثقل، العبّيّة: بضم العين وكسر الباء الموحدة وتشديدها وفتح الياء المثناة وتشديدها.