للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمفسدة: خلاف المصلحة.

والاستفساد: خلاف الاستصلاح. وقالوا:

هذا الأمر مفسدة لكذا: أي فيه فساد. قال الشّاعر:

إنّ الشّباب والفراغ والجده ... مفسدة للعقل أيّ مفسده «١»

[الفساد اصطلاحا:]

قال الرّاغب: الفساد خروج الشّيء عن الاعتدال قليلا كان الخروج عليه أو كثيرا، ويستعمل في النّفس والبدن والأشياء الخارجة عن الاستقامة «٢» .

وقال المناويّ: الفساد: هو انتقاض صورة الشّيء «٣» ، وفساد (البيوع) عند الفقهاء ما كان مشروعا بأصله غير مشروع بوصفه، وهو يرادف البطلان عند الشّافعيّة، وضدّه الصّحّة، ويشكّل قسما قائما برأسه عند الأحناف: فالشّيء عندهم إمّا صحيح، وإمّا باطل، وإمّا فاسد «٤» .

وقال ابن الجوزيّ: والفساد: تغيّر الشّيء عمّا كان عليه من الصّلاح، وقد يقال في الشّيء مع قيام ذاته، ويقال فيه مع انتقاضها، ويقال فيه إذا بطل وزال.

ويذكر الفساد في الدّين كما يذكر في الذّات.

فتارة يكون بالعصيان، وتارة بالكفر، ويقال في الأقوال إنّها فاسدة إذا كانت غير منتظمة، وفي الأفعال إذا لم يعتدّ بها «٥» .

[الفساد في الأرض:]

من الفساد في الأرض ما أشارت إليه الآية الكريمة وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها (البقرة/ ٢٠٥) ويكون هذا الفساد بقطع الطّريق وإخافتها، وقيل بقطع الرّحم وسفك دماء المسلمين، وقد يدخل في هذا ارتكاب جميع المعاصي «٦» .

[الإفساد اصطلاحا:]

قال الكفويّ: الإفساد هو جعل الشّيء فاسدا خارجا عمّا ينبغي أن يكون عليه وعن كونه منتفعا به، وهو في الحقيقة: إخراج الشّيء عن حالة محمودة لا لغرض صحيح «٧» .

[حكم الفساد (أو الإفساد في الأرض) :]

يقول ابن حجر بعد أن ذكر الآية الكريمة إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً (المائدة/ ٣٣) : كما ذكر الله تعالى تغليظ الإثم في قتل النّفس بغير حقّ، والإفساد في الأرض أتبعه ببيان نوع من أنواع الفساد في الأرض وذكر أنّ عدّ هذا الفساد كبيرة هو ما صرّح به جمع، وصرّح بعضهم أنّه بمجرّد قطع الطّريق وإخافة


(١) لسان العرب مادة «فسد» وبصائر ذوي التمييز (٤/ ١٩٢) .
(٢) المفردات (٣٩٧) .
(٣) التوقيف (٢٦٠) .
(٤) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها، وقد نقل المناوي والجرجاني تعريف «الفساد» عند الحكماء (الفلاسفة) ، وهو خارج عن المعنى المراد هنا. انظر التعريفات للجرجاني (١٧٣) .
(٥) نزهة الأعين النواظر (٤٧٠) .
(٦) انظر تفسير القرطبي (٢/ ٣٣٠) ، وراجع المقدمة اللغوية.
(٧) الكليات للكفوي (١٥٤) .