للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأرض غير الأرض والسّماوات؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هم في الظّلمة دون الجسر «١» » قال: «فمن أوّل النّاس إجازة «٢» ؟ قال: «فقراء المهاجرين» قال اليهوديّ: فما تحفتهم «٣» حين يدخلون الجنّة؟ قال: «زيادة كبد النّون» «٤» . قال فما غذاؤهم «٥» على إثرها؟ قال: «ينحر لهم ثور الجنّة الّذي كان يأكل من أطرافها» . قال:

فما شرابهم عليه؟ قال: «من عين فيها تسمّى سلسبيلا «٦» » . قال: صدقت. قال: وجئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلّا نبيّ أو رجل أو رجلان. قال: «ينفعك إن حدّثتك؟» قال: أسمع بأذنيّ. قال:

جئت أسألك عن الولد؟ قال: «ماء الرّجل أبيض وماء المرأة أصفر. فإذا اجتمعا، فعلا منيّ الرّجل منيّ المرأة، أذكرا «٧» بإذن الله. وإذا علا منيّ المرأة منيّ الرّجل، آنثا «٨» بإذن الله» قال اليهوديّ: لقد صدقت. وإنّك لنبيّ. ثمّ انصرف فذهب. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لقد سألني هذا عن الّذي سألني عنه. وما لي علم بشيء منه. حتّى أتاني الله به» «٩» .

- عن أبي هريرة- رضي الله عنه-؛ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «نحن الآخرون الأوّلون يوم القيامة ونحن أوّل من يدخل الجنّة بيد أنّهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم. فاختلفوا فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحقّ. فهذا يومهم الّذي اختلفوا فيه. هدانا الله له (قال يوم الجمعة) فاليوم لنا. وغدا لليهود. وبعد غد للنّصارى» «١٠» .

[عمل قليل وأجر كثير:]

أنعم الله- تبارك وتعالى- على هذه الأمّة بنعم كثيرة وخصّها بخصائص جسيمة ومن ذلك أنّها أقلّ عملا ممّن سبقها من الأمم وأكثر أجرا وثوابا. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.


(١) الجسر: بفتح الجيم وكسرها، لغتان مشهورتان، والمراد به هنا الصراط.
(٢) إجازة: الإجازة هنا بمعنى الجواز والعبور.
(٣) تحفتهم: بإسكان الحاء وفتحها، لغتان، وهي ما يهدى إلى الرجل ويخص به ويلاطف.
(٤) النون: النون هو الحوت، وجمعه نينان.
(٥) غذاؤهم: روي على وجهين، غذاؤهم وغداؤهم. قال القاضي عياض: هذا الثاني هو الصحيح وهو رواية الأكثرين.
(٦) سلسبيلا: قال جماعة من أهل اللغة والمفسرين: السلسبيل اسم للعين، وقال مجاهد وغيره: هي شديدة الجري وقيل هي السلسلة اللينة.
(٧) أذكرا: أي كان الولد ذكرا.
(٨) آنثا: أي كان الولد أنثى، وقد روي أنثا.
(٩) رواه مسلم برقم (٣١٥) .
(١٠) رواه البخاري. انظر الفتح ٢ (٨٧٦) بدون لفظة «ونحن أول من يدخل الجنة» ، ورواه مسلم واللفظ له، ومعه الزيادة، برقم (٨٥٥/ ٢٠) .