للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدّجّال ذاب كما يذوب الملح في الماء، وينطلق هاربا. ويقول عيسى- عليه السّلام-: إنّ لي فيك ضربة لن تسبقني بها «١» . فيدركه عند باب اللّدّ «٢» الشّرقيّ فيقتله. فيهزم الله اليهود فلا يبقى شيء ممّا خلق الله يتوارى به يهوديّ إلّا أنطق الله ذلك الشّيء: لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابّة (إلّا الغرقدة «٣» فإنّها من شجرهم لا تنطق) إلّا قال: يا عبد الله المسلم هذا يهوديّ فتعال اقتله» .

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «وإنّ أيّامه أربعون سنة:

السّنة كنصف السّنة، والسّنة كالشّهر، والشّهر كالجمعة.

وآخر أيّامه كالشّررة «٤» . يصبح أحدكم على باب المدينة.

فلا يبلغ بابها الآخر حتّى يمسي» فقيل له: يا رسول الله كيف نصلّى في تلك الأيّام القصار؟ قال: «تقدرون فيها الصّلاة كما تقدرونها في هذه الأيّام الطّوال، ثمّ صلّوا» قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «فيكون عيسى ابن مريم- عليه السّلام في أمّتي حكما «٥» عدلا، وإماما مقسطا «٦» .

يدقّ الصّليب «٧» ، ويذبح الخنزير «٨» ويضع الجزية «٩» .

ويترك الصّدقة «١٠» ، فلا يسعى «١١» على شاة ولا بعير.

وترفع الشّحناء والتّباغض، وتنزع حمة كلّ ذات حمة حتّى يدخل الوليد يده في الحيّة فلا تضرّه، وتفرّ «١٢» الوليدة الأسد فلا يضرّها، ويكون الذّئب في الغنم كأنّه كلبها، وتملأ الأرض من السّلم كما يملأ الإناء من الماء، وتكون الكلمة واحدة فلا يعبد إلّا الله وتضع الحرب أوزارها وتسلب قريش ملكها وتكون الأرض كفاثور الفضّة «١٣» تنبت نباتها بعهد آدم حتّى يجتمع النّفر على القطف «١٤» من العنب فيشبعهم ويجتمع النّفر على الرّمّانة فتشبعهم ويكون الثّور بكذا وكذا من المال، وتكون الفرس بالدّريهمات» قالوا: يا رسول الله، وما يرخص الفرس؟

قال: «لا تركب لحرب أبدا» قيل له: فما يغلي الثّور؟

قال: «تحرث الأرض كلّها. وإنّ قبل خروج الدّجّال ثلاث سنوات شداد يصيب النّاس فيها جوع شديد يأمر الله السّماء في السّنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها. ويأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها. ثمّ يأمر السّماء في الثّانية، فتحبس ثلثي مطرها. ويأمر الأرض فتحبس ثلثي


(١) لن تسبقني بها: أي لن تفوتها علي.
(٢) بباب اللد: في النهاية: لد موضع بالشام، وقيل: بفلسطين.
(٣) الغرقدة: هو ضرب من شجر العضاه وشجر الشوك.
(٤) كالشررة: واحدة الشرر. وهو ما يتطاير من النار.
(٥) حكما: أي حاكما بين الناس.
(٦) مقسطا: أي عادلا في الحكم.
(٧) يدق الصليب: أي يكسره بحيث لا يبقى من جنس الصليب شيء.
(٨) ويذبح الخنزير: أي يحرم أكله، أو يقتله بحيث لا يوجد في الأرض ليأكله أحد. والحاصل أنه يبطل دين النصارى.
(٩) ويضع الجزية: أي لا يقبلها من أحد من الكفرة، بل يدعوهم إلى الإسلام.
(١٠) ويترك الصدقة: أي الزكاة، لكثرة الأموال.
(١١) فلا يسعى: قال في النهاية: أن يترك زكاتها فلا يكون لها ساع.
(١٢) تفر: أي تحمله على الفرار.
(١٣) كفاثور الفضة: الفاثور: الخوان. وقيل: هو طست أو جام من فضة أو ذهب.
(١٤) القطف: العنقود. وهو اسم لكل ما يقطف. كالذبح والطحن.