للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القسم الثاني الخصائص التي انفرد بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن أمته

اختصّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بكثير من الخصائص والأحكام دون أمّته تكريما له وتبجيلا، وقد شاركه في بعضها الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام.

فمن ذلك: أنّه حرم عليه تعلّم الشّعر، وأكل الصّدقة. وأبيح له الوصال في الصّيام، والجمع بين أكثر من أربع نسوة. واختصّ بأنّ أزواجه أمّهات المؤمنين وأنّ رؤيته في المنام حقّ ... إلى غير ذلك.

وقد رتّب العلماء الكلام في هذه الخصائص على أربعة أنواع: «١»

الأول: ما حرم عليه دون غيره. وذلك تكرمة له صلّى الله عليه وسلّم وحمل له على مكارم الأخلاق.

الثّاني: ما أبيح له دون غيره.

الثّالث: ما وجب عليه دون غيره. والحكمة في اختصاصه بها زيادة الزّلفى ورفع الدّرجات.

الرّابع: ما اختصّ به من الفضائل والكرامات دون غيره.

وها نحن نورد- بإذن الله- خلاصة ما ذكره العلماء- رحمهم الله- في هذا الباب. وذلك بانتقاء طائفة مختارة من خصائصه الّتي انفرد بها عن أمّته والّتي ساندها الدّليل الصّحيح.

النّوع الأوّل ما حرم عليه دون غيره

١- الصّدقة:

حرم على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أكل الصّدقة لقوله عليه صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الصّدقة لا تحلّ لمحمّد ولا لآل محمّد، إنّما هي أوساخ «٢» النّاس» «٣» . وعن أبي هريرة- رضي الله عنه-؛ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يأكل الهديّة ولا يأكل الصّدقة» «٤» .

وهذه الأحاديث عامّة لا فرق فيها بين صدقة الفرض والتّطوّع. فكلا النّوعين حرم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.


(١) انظر الوفا بأحوال المصطفى لابن الجوزي (ص ٣٧٨) ، وخصائص أفضل المخلوقين لابن الملقن (ص ٩٦) ، الخصائص الكبرى للسيوطي (٢/ ٣٩٦) .
(٢) أوساخ الناس: بمعنى أنها تطهير لأموالهم ونفوسهم، كما قال تعالى (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) فهي كغسالة الأوساخ. انظر شرح النووي على صحيح مسلم (٧/ ١٧٩) .
(٣) رواه مسلم برقم (١٦٨/ ١٠٧٢) .
(٤) رواه مسلم برقم (١٠٧٧) .