للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال النّوويّ: قال الخطّابيّ وغيره من أصحابنا: الوصال من الخصائص الّتي أبيحت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحرّمت على الأمّة» «١» .

٢- الزّواج من غير وليّ ولا شهود:

عني الإسلام عناية كبيرة بالأسرة، فالأسرة هي أساس كيان المجتمع الإسلامي من مجموعها يتكوّن المجتمع ويترتّب على ذلك أنّ الأسرة إذا صلحت صلح المجتمع وإذا فسدت فسد المجتمع وحيث إنّ الزّواج هو السّبيل المشروع لتكوين الأسرة وبقاء الجنس البشريّ، فقد رغّب فيه الإسلام وحثّ عليه وشرع له أحكاما معيّنة تشريفا وتكريما لهذه العلاقة علاقة الزّواج.

ومن هذه الأحكام، موافقة وليّ المرأة على زواجها وهو شرط لصحّة النّكاح. قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: لا نكاح إلّا بوليّ» «٢» فعقد النّكاح لا يهمّ المرأة وحدها بل يهمّ وليّها وعائلتها، والضّرر الّذي يلحقها بسبب سوء اختيارها ينسحب إلى عائلتها وعلى رأسهم وليّها كالأب والأخ. ولهذا فلا بدّ أن يكون للوليّ رأي مسموع في زواجها، وكما يشترط في صحّة النّكاح موافقة وليّ المرأة، كذلك يشترط حضور الشّهود عند عقد النّكاح لكي يعرف العقد ويشيع وتحفظ حقوق المرأة، ويؤمن الجحود. ولهذا قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: لا نكاح إلّا بوليّ وشاهدي عدل» «٣» .

وقد انفرد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن أمّته في هذين الحكمين؛ فأباح الله تعالى له الزّواج بغير وليّ ولا شهود تشريفا وتكريما لعدم الحاجة إلى ذلك في حقّه صلّى الله عليه وسلّم.

قال العلماء: «إنّما اعتبر الوليّ في نكاح الأمة للمحافظة على الكفاءة، وهو صلّى الله عليه وسلّم فوق الأكفاء، وإنّما اعتبر الشّهود لأمن الجحود وهو صلّى الله عليه وسلّم لا يجحد.

وبرهان هذا الحكم في حقّه ما جاء في حديث زينب بنت جحش- رضي الله عنها- أنّها كانت تفخر على أزواج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وتقول: «زوّجكنّ أهليكنّ وزوّجني الله تعالى من فوق سبع سماوات» «٤» .


(١) انظر شرح النووي على صحيح مسلم (٧/ ٢١٢) .
(٢) رواه أبو داود برقم (٢٠٨٥) . والترمذي برقم (١١٠١) . وابن ماجه برقم (١٨٨١) . والإمام أحمد في المسند (٤/ ٤١٣، ٤١٨) . الحاكم (٢/ ١٦٩) . والبيهقي. (٧/ ١٠٧) . وصححه الألباني انظر صحيح الجامع الصغير، رقم (٧٤٣١) . وعبد القادر الأرناؤوط. انظر تعليقه على جامع الأصول (١١/ ٤٥٧) .
(٣) رواه البيهقي في السنن الكبرى (٧/ ١٢٥) . والطبراني في الكبير (١٨/ ١٤٢) برقم (٢٩٩) . والدارقطني في سننه (٣/ ٢٢٥) . وصححه الألباني انظر إرواء الغليل (٦/ ٢٥٨- ٢٦٠) ، وصحيح الجامع الصغير، رقم (٧٤٣٣، ٧٤٣٤) .
(٤) رواه البخاري- انظر الفتح ١٣ (٧٤٢٠) .