للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحاديث الواردة في ذمّ (القلق) معنى

١-* (عن المقداد- رضي الله عنه- قال:

أقبلت أنا وصاحبان لي وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد «١» . فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فليس أحد منهم يقبلنا. فأتينا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فانطلق بنا إلى أهله. فإذا ثلاثة أعنز، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «احتلبوا هذا اللّبن بيننا» قال: فكنّا نحتلب فيشرب كلّ إنسان منّا نصيبه. ونرفع للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نصيبه قال: فيجيء من اللّيل فيسلّم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان. قال ثمّ يأتي المسجد فيصلّي، ثمّ يأتي شرابه فيشرب. فأتاني الشّيطان ذات ليلة- وقد شربت نصيبي- فقال: محمّد يأتي الأنصار فيتحفونه ويصيب عندهم. ما به حاجة إلى هذه الجرعة.

فأتيتها فشربتها. فلمّا أن وغلت «٢» في بطني وعلمت أنّه ليس إليها سبيل. قال: ندّمني الشّيطان. فقال:

ويحك! ما صنعت؟ أشربت شراب محمّد؟ فيجيء فلا يجده فيدعو عليك فتهلك. فتذهب دنياك وآخرتك. وعليّ شملة. إذا وضعتها على قدميّ خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي، وجعل لا يجيئني النّوم، وأمّا صاحباي فناما ولم يصنعا ما صنعت. قال فجاء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فسلّم كما كان يسلّم. ثمّ أتى المسجد فصلّى ثمّ أتى شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئا. فرفع رأسه إلى السّماء. فقلت: الآن يدعو عليّ فأهلك. فقال «اللهمّ أطعم من أطعمني وأسق من أسقاني ... » الحديث) * «٣» .

٢-* (عن عبد الله بن أبي قتادة، أنّ أبا قتادة، طلب غريما له فتوارى عنه ثمّ وجده. فقال: إنّي معسر. فقال: آلله؟ قال: آلله. قال: فإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من سرّه أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفّس عن معسر، أو يضع عنه» ) * «٤» .

٣-* (عن مسلم بن أبي بكرة قال: سمعني أبي وأنا أقول: اللهمّ إنّي أعوذ بك من الهمّ والكسل وعذاب القبر. قال: يا بنيّ ممّن سمعت هذا؟ قلت:

سمعتك تقولهنّ. قال: الزمهنّ، فإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقولهنّ» ) * «٥» .

٤-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأبي طلحة: «التمس لنا غلاما من غلمانكم يخدمني. فخرج بي أبو طلحة يردفني وراءه فكنت أخدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كلّما نزل، فكنت أسمعه يكثر أن يقول: «اللهمّ إنّي أعوذ بك من الهمّ والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع «٦» الدّين


(١) الجهد: الجوع والمشقة.
(٢) وغلت: أي دخلت وتمكنت منه.
(٣) مسلم (٢٠٥٥) .
(٤) مسلم (١٥٦٣) .
(٥) الترمذي (٣٥٠٣) ، وقال هذا حديث حسن صحيح.
(٦) ضلع الدين: أصل الضلع وهو بفتح المعجمة واللام الاعوجاج، يقال ضلع بفتح اللام يضلع، أي مال، والمراد به هنا الدين وشدته.