للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ تلبثون ما لبثتم، ثمّ تبعث الصّائحة لعمر إلهك ما تدع على ظهرها من شيء إلّا مات، والملائكة الّذين مع ربّك- عزّ وجلّ- فأصبح ربّك- عزّ وجلّ- يطيف في الأرض، وخلت عليه البلاد فأرسل ربّك- عزّ وجلّ- السّماء تهضب «١» من عند العرش فلعمر إلهك ما تدع على ظهرها من مصرع قتيل ولا مدفن ميّت إلّا شقّت القبر عنه حتّى تجعله من عند رأسه فيستوي جالسا. فيقول ربّك: مهيم لما كان فيه، يقول:

يا ربّ أمس اليوم ولعهده الحياة يحسبه حديثا بأهله» فقلت: يا رسول الله، كيف يجمعنا بعد ما تمزّقنا الرّياح والبلى والسّباع؟ قال: «أنبّئك بمثل ذلك في آلاء الله، الأرض أشرفت عليها وهي مدرة بالية، فقلت: لا تحيا أبدا: ثمّ أرسل ربّك- عزّ وجلّ- عليها السّماء، فلم تلبث عليك إلّا أيّاما حتّى أشرفت عليها وهي شرية «٢» واحدة، ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يجمعكم من الماء على أن يجمع نبات الأرض فتخرجون من الأصواء «٣» ومن مصارعهم فتنظرون إليه وينظر إليكم» قال:

قلت: يا رسول الله، وكيف ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد ننظر إليه وينظر إلينا، قال: أنبّئك بمثل ذلك في آلاء الله- عزّ وجلّ- الشّمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما ويريانكم ساعة واحدة، لا تضارّون في رؤيتهما. ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يراكم وترونه من أن ترونهما ويريانكم لا تضارّون في رؤيتهما.؟ قلت: يا رسول الله، فما يفعل بنا ربّنا- عزّ وجلّ- إذا لقيناه؟

قال: تعرضون عليه بادية له صفحاتكم لا يخفى عليه منكم خافية، فيأخذ ربّك- عزّ وجلّ- بيده غرفة من الماء، فينضح قبيلكم بها، فلعمر إلهك ما تخطىء وجه أحدكم منها قطرة، فأمّا المسلم فتدع وجهه مثل الرّيطة البيضاء، وأمّا الكافر فتخطمه مثل الحميم الأسود. ألا ثمّ ينصرف نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم ويفترق على أثره الصّالحون، فيسلكون جسرا من النّار، فيطأ أحدكم الجمر فيقول حسّ، يقول ربّك- عزّ وجلّ- أو أنّه. ألا فتطّلعون على حوض الرّسول صلّى الله عليه وسلّم على أظمأ- والله- ناهلة «٤» عليها قطّ ما رأيتها. فلعمر إلهك ما يبسط واحد منكم يده إلّا وضع عليها قدح يطهّره من الطّوف «٥» والبول والأذى، وتحبس الشّمس والقمر «٦» ولا ترون منهما واحدا» . قال: قلت: يا رسول الله فبما نبصر؟ قال:

«بمثل بصرك ساعتك هذه. وذلك قبل طلوع الشّمس في يوم أشرقت الأرض واجهت به الجبال» قال: قلت:

يا رسول الله فبما نجزى من سيّئاتنا وحسناتنا؟ قال:

الحسنة بعشر أمثالها، والسّيّئة بمثلها، إلّا أن يعفو» ، قال:

قلت: يا رسول الله أمّا الجنّة. أمّا النّار، قال: «لعمر إلهك إنّ للنّار لسبعة أبواب ما منهنّ بابان إلّا يسير الرّاكب بينهما سبعين عاما. وإنّ للجنّة لثمانية أبواب، ما منهما بابان إلّا يسير الرّاكب بينهما سبعين عاما» قلت:

يا رسول الله فعلى ما نطّلع من الجنّة. قال: على أنهار من


(١) تهضب: تمطر.
(٢) الشّربة: الحوض الذي يجتمع فيه الماء.
(٣) الأصواء: القبور.
(٤) الناهلة: العطاش الواردون الماء.
(٥) الطوف: الغائط.
(٦) تحبس الشمس والقمر: تختفيان فتحبسان.