للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جواز القعود فيها مع القدرة على القيام بخلاف الفريضة فمن صلّاها كذلك فصلاته صحيحة وله نصف ثواب القائم لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «صلاة القاعد على النّصف من صلاة القائم» » .

وهذا الحكم عامّ لجميع الأمّة واختصّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ذلك عن أمّته بأن جعلت نافلته قاعدا مع القدرة على القيام كنافلته قائما تشريفا له وتكريما.

- ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما-؛ قال: حدّثت أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:

«صلاة الرّجل قاعدا نصف الصّلاة» . قال فأتيته فوجدته يصلّي جالسا، فوضعت يدي على رأسه. فقال: «مالك يا عبد الله بن عمرو «قلت: حدّثت يا رسول الله أنّك قلت: صلاة الرّجل قاعدا على نصف الصّلاة وأنت تصلّي قاعدا قال: «أجل ولكنّي لست كأحد منكم» «٢» .

قال النّوويّ وغيره من العلماء: ... نافلته صلّى الله عليه وسلّم قاعدا مع القدرة ثوابها كثوابه قائما وهو من الخصائص» «٣» .

٦- لا يورّث:

الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام سفراء الله إلى عباده وحملة وحيه مهمّتهم إبلاغ رسالات الله إلى عباده والدّعوة إلى الله وإصلاح النّفوس وتزكيتها وتصحيح الفكر المنحرف والعقائد الزّائفة وإقامة الحجّة وسياسة الأمّة فلم تكن وظيفتهم اختزان الأموال ولا توريث التّراث.

وإنّما ورّثوا علما وشرعا وبلاغا للنّاس فذلك ميراثهم وهو خير ميراث.

قال صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ العلماء ورثة الأنبياء وإنّ الأنبياء لم يورّثوا دينارا ولا درهما، وإنّما ورّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظّ وافر» «٤» .

وهذا من خصائصه صلوات الله وسلامه عليه- وكذلك الأنبياء عليهم السّلام- دون أمّته أنّه لا يورث وأنّ ما تركه صدقة.

قال صلّى الله عليه وسلّم: «لا نورث ما تركنا صدقة» «٥» .


(١) رواه أبو داود برقم (٩٥١) . الترمذي برقم (٣٧١) وقال: حديث حسن صحيح. والنسائي (٣/ ٢٢٣، ٢٢٤) . وابن ماجه برقم (١٢٣٠) . وقال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح. ورواه البخاري بمعناه- انظر الفتح ٢ (١١١٦) .
(٢) رواه مسلم برقم (٧٣٥) .
(٣) انظر شرح النووي على صحيح مسلم (٦/ ١٥) .
(٤) رواه أبو داود برقم (٣٦٤١) . والترمذي برقم (٢٦٨٢) . وابن ماجه برقم (٢٢٣) . والإمام أحمد في المسند (٥/ ١٩٦) وصححه الألباني. انظر صحيح الجامع الصغير برقم (٦١٧٣) .
(٥) رواه البخاري- انظر الفتح ١٢ (٦٧٣٠) . ومسلم برقم (١٧٥٨) .