للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلبه كلّه. وكلّ من ستر شيئا فقد كفره، وكفّره، وقولهم أكفرت الرّجل: دعوته كافرا، وكفّر الرّجل: نسبه إلى الكفر، والكفور: المبالغ في كفران النّعمة، قال تعالى:

إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ (الزخرف/ ١٥) ، والكفّار أبلغ من الكافر، قال تعالى: كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (ق/ ٢٤) .

ويقال: كفر فلان: إذا اعتقد الكفر، ويقال: كفر إذا أظهر الكفر وإن لم يعتقد. والتّكفير: الذّلّ والخضوع.

قال ابن الأثير: التّكفير: هو أن ينحني الإنسان ويطأطيء رأسه قريبا من الرّكوع كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه «١» .

[الكفر اصطلاحا:]

هو ستر نعمة المنعم بالجحود أو بعمل هو كالجحود في مخالفة المنعم «٢» .

وقيل هو: الإنكار المتعمّد لما جاء به محمّد صلّى الله عليه وسلّم أو بعض ما جاء به محمّد صلّى الله عليه وسلّم ممّا علم من دينه بالضّرورة، وهذا هو الحقّ الّذي عليه أهل السّنّة والجماعة

وما عداه فهو باطل.

وقال المناويّ: الكفر: تغطية ما حقّه الإظهار، والكفران: ستر نعمة المنعم بترك شكرها، وأعظم الكفر: جحود الوحدانيّة أو النّبوّة أو الشّريعة، ولفظ الكفران في جحود النّعمة أكثر استعمالا والكفر في الدّين أكثر، والكفور فيهما جميعا «٣» .

وقال التّهانويّ ما خلاصته: الكفر شرعا:

خلاف الإيمان عند كلّ طائفة (انظر صفة الإيمان) .

فعند الأشاعرة عدم تصديق الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في (كلّ أو بعض) ما علم مجيئه من الدّين بالضّرورة، ومن قال:

إنّ الإيمان هو المعرفة بالله قال: الكفر هو الجهل بالله، ومن قال: إنّ الإيمان هو الطّاعة قال: إنّ الكفر هو المعصية، وقد اختلف في المعصية الّتي تكفّر صاحبها فقالت الخوارج: كلّ معصية كفر، وقسّمت المعتزلة المعاصي إلى ثلاثة أقسام، يكفّر منها ما دلّ على الجهل بالله ووحدته وما لا يجوز عليه «٤» .

[أنواع الكفر:]

قال بعض أهل العلم: الكفر على أربعة أنحاء: كفر إنكار، وكفر جحود، وكفر معاندة، وكفر نفاق، ومن لقي ربّه بشيء من ذلك لم يغفر له، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، فأمّا كفر الإنكار فهو أن يكفر بقلبه ولسانه ولا يعرف ما يذكر له من التّوحيد وكذلك روي في تفسير قوله عزّ وجلّ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (البقرة/ ٦) أي الّذين كفروا بتوحيد الله. وأمّا كفر الجحود فأن يعرف بقلبه ولا يقرّ بلسانه، فهذا كافر جاحد ككفر إبليس، وكفر أميّة بن أبي الصّلت، ومنه قوله تعالى: فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ (البقرة/ ٨٩) يعني كفر الجحود، وأمّا كفر المعاندة فهو أن يعرف بقلبه ويقرّ بلسانه، ويأبى أن يقبل


(١) الصحاح، للجوهري (٢/ ٨٠٧، ٨٠٨) ، والنهاية، لابن الأثير (٤/ ١٨٨) ، ولسان العرب، لابن منظور (٥/ ١٤٦- ١٤٩) ، والقاموس المحيط (٦٠٥) ، وبصائر ذوي التمييز، للفيروز آبادي (٤/ ٣٦١- ٣٦٥) .
(٢) التعريفات للجرجاني (١٨٥) .
(٣) التوقيف (٢٨٢) .
(٤) والقسمان الآخران: أحدهما ما يجعل صاحبه في منزلة بين المنزلتين وهو مرتكب الكبائر والآخر لا يخرج صاحبه عن الإيمان وهو مرتكب الصغائر، انظر كشاف اصطلاحات الفنون (٣/ ١٢٥١) .