للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحاديث الواردة في ذمّ (الكنز)

١-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ما من صاحب إبل لا يفعل فيها حقّها إلّا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت قطّ «١» . وقعد لها بقاع قرقر، تستنّ عليه بقوائمها وأخفافها «٢» . ولا صاحب بقر لا يفعل فيها حقّها، إلّا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت. وقعد لها بقاع قرقر.

تنطحه بقرونها وتطؤه بقوائمها. ولا صاحب غنم لا يفعل فيها حقّها. إلّا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت.

وقعد لها بقاع قرقر. تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها، ليس فيها جمّاء «٣» ولا منكسر قرنها. ولا صاحب كنز لا يفعل فيه حقّه. إلّا جاء كنزه يوم القيامة شجاعا أقرع «٤» . يتبعه فاتحا فاه. فإذا أتاه فرّ منه. فيناديه: خذ كنزك الّذي خبأته. فأنا عنه غنيّ. فإذا رأى أن لا بدّ منه. سلك يده «٥» في فيه فيقضمها قضم الفحل «٦» » ) * «٧» .

٢-* (عن سلمان الفارسيّ قال: كنت رجلا فارسيّا من أهل أصبهان من قرية منها يقال لها: جيّ وكان أبي دهقان قريته «٨» وكنت أحبّ خلق الله إليه فلم يزل به حبّه إيّاي حتّى حبسني في بيته- أي ملازم النّار- كما تحبس الجارية واجتهدت في المجوسيّة حتّى كنت قطن النّار «٩» الّذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة.

قال: وكانت لأبي ضيعة عظيمة. قال: فشغل في بنيان له يوما فقال لي: يا بنيّ إنّي قد شغلت في بنيان هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب فاطّلعها، وأمرني فيها بعض ما يريد. فخرجت أريد ضيعته فمررت بكنيسة من كنائس النّصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلّون، وكنت لا أدري ما أمر النّاس لحبس أبي إيّاي في بيته. فلمّا مررت بهم وسمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون، فلمّا رأيتهم أعجبني صلاتهم، ورغبت في أمرهم، وقلت: هذا والله خير من الدّين الّذي نحن عليه، فو الله ما تركتهم حتّى غربت الشّمس، وتركت ضيعة أبي، ولم آتها، فقلت لهم: أين أصل هذا الدّين؟ قالوا: بالشّام. قال: ثمّ رجعت إلى أبي، وقد بعث في طلبي، وشغلته عن عمله كلّه. قال:

فلمّا جئته قال: أي بنيّ، أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت؟ قال: قلت: يا أبت، مررت بناس يصلّون في كنيسة لهم، فأعجبني ما رأيت من دينهم،


(١) أكثر ما كانت قط: هكذا هو في الأصول بالثاء المثلثة، وفي قط لغات حكاهن الجوهري، والفصيحة المشهورة قطّ.
(٢) تستن عليه بقوائمها وأخفافها: أي ترفع يديها وتطرحهما معا على صاحبها.
(٣) جمّاء: هي الشاة التي لا قرن لها، كجلحاء، مذكره أجم.
(٤) شجاعا أقرع: الشجاع الحية الذكر، والأقرع الذي تمعّط شعره لكثرة سمه، وقيل: الشجاع الذي يواثب الراجل والفارس ويقوم على ذنبه، وربما بلغ رأس الفارس، ويكون في الصحاري.
(٥) سلك يده: أي أدخلها.
(٦) فيقضمها.. يقال: قضمت الدابة شعيرها إذا أكلته.
(٧) مسلم (٩٨٨) .
(٨) دهقان قريته: الدهقان بكسر الدال وضمها: رئيس القرية وصاحب الزراعة، وهو معرّب.
(٩) قطن النار: أي خادمها وخازنها، أراد أنه كان ملازما لها.