للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تضارّون في رؤية الشّمس في الظّهيرة، ليست في سحابة؟» قالوا: لا. قال: «فهل تضارّون في رؤية القمر ليلة البدر ليس فى سحابة؟» قالوا: لا. قال: «فو الّذي نفسي بيده لا تضارّون في رؤية ربّكم إلّا كما تضارّون في رؤية أحدهما» . قال: «فيلقى العبد فيقول: أي فل «١» ، ألم أكرمك، وأسوّدك، وأزوّجك، وأسخّر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى. قال فيقول:

أفظننت أنّك ملاقيّ؟ فيقول: لا. فيقول: فإنّي أنساك كما نسيتني. ثمّ يلقى الثّاني فيقول: أي فل، ألم أكرمك، وأسوّدك؟، وأزوّجك، وأسخّر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى. أي ربّ، فيقول:

أفظننت أنّك ملاقيّ؟ فيقول: لا. فيقول: فإنّي أنساك كما نسيتني. ثمّ يلقى الثّالث فيقول له مثل ذلك. فيقول:

يا ربّ، آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصلّيت وصمت وتصدّقت، ويثني بخير ما استطاع، فيقول: هاهنا إذا.

قال: ثمّ يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك. ويتفكّر في نفسه: من ذا الّذي يشهد عليّ؟ فيختم على فيه. ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي. فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله. وذلك ليعذر من نفسه، وذلك المنافق.

وذلك الّذي يسخط الله عليه» ) *» .

٢٠-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين أزواجه، فأيّتهنّ خرج سهمها خرج بها معه. فأقرع بيننا في غزاة غزاها فخرج سهمي فخرجت معه بعد ما أنزل الحجاب، فأنا أحمل في هودج وأنزل فيه. فسرنا حتّى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلّم من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة آذن ليلة بالرّحيل، فقمت حين آذنوا بالرّحيل فمشيت حتّى جاوزت الجيش، فلمّا قضيت شأني أقبلت إلى الرّحل فلمست صدري، فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي، فحبسني ابتغاؤه. فأقبل الّذين يرحلون لي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الّذي كنت أركب وهم يحسبون أنّي فيه، وكان النّساء إذ ذاك خفافا لم يثقلن ولم يغشهنّ اللّحم، وإنّما يأكلن العلقة من الطّعام. فلم يستنكر القوم حين رفعوه ثقل الهودج فاحتملوه، وكنت جارية حديثة السّنّ، فبعثوا الجمل وساروا، فوجدت عقدي بعد ما استمرّ الجيش، فجئت منزلهم وليس فيه أحد، فأممت منزلي الّذي كنت به فظننت أنّهم سيفقدونني فيرجعون إليّ. فبينا أنا جالسة غلبتني عيناي فنمت، وكان صفوان بن المعطّل السّلميّ ثمّ الذّكوانيّ من وراء الجيش، فأصبح عند منزلي، فرأي سواد إنسان نائم، فأتاني وكان يراني قبل الحجاب- فاستيقظت باسترجاعه حتّى أناخ راحلته فوطىء يدها فركبتها. فانطلق يقود بي الرّاحلة حتّى أتينا الجيش بعد ما نزلوا معرّسين في نحر الظّهيرة. فهلك من هلك.

وكان الّذي تولّى الإفك عبد الله بن أبيّ ابن سلول.

فقدمنا المدينة فاشتكيت بها شهرا، والنّاس يفيضون من قول أصحاب الإفك، ويريبني في وجعي أنّي لا


(١) أي فل: أي يا فلان. قال ابن مالك رحمه الله تعالى في ألفيته: وفل بعض ما يخص بالندا فلا يقال: فل بالتسكين، بل: يا فل أو: يا فل.
(٢) مسلم (٢٩٦٨) ، وله أصل عند البخاري برقم (٤٥٨١) .