للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فشدّ عليها رحلها، ثمّ مشى واتّبعه أصحابه وقالوا: ما تراه ينطلق إلّا لبعض حاجته، حتّى قام على شفة الرّكيّ «١» ، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، يا فلان ابن فلان، ويا فلان ابن فلان أيسرّكم أنّكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنّا قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقّا، فهل وجدتم ما وعد ربّكم حقّا؟ قال: فقال عمر: يا رسول الله، ما تكلّم من أجساد لا روح لها «٢» ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «والّذي نفس محمّد بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم» قال قتادة: أحياهم الله حتّى أسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا ونقيمة «٣» وحسرة وندما) * «٤» .

٦-* (عن جرير- رضي الله عنه- قال:

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون على أن يغيّروا عليه فلا يغيّروا إلّا أصابهم الله بعذاب من قبل أن يموتوا» ) * «٥» .

٧-* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- أنّ رجلا أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله إنّ ابني هذا يقرأ المصحف بالنّهار، ويبيت باللّيل «٦» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ما تنقم أنّ ابنك يظلّ ذاكرا ويبيت سالما» ) * «٧» .

٨-* (عن عبيد الله بن عياض بن عمرو قال:

جاء عبد الله بن شدّاد فدخل على عائشة ونحن عندها جلوس، مرجعه من العراق «٨» ليالي قتل عليّ- كرّم الله وجهه ورضي عنه-، فقالت له: يا عبد الله بن شدّاد، هل أنت صادقي عمّا أسألك عنه؟ تحدّثني عن هؤلاء القوم الّذين قتلهم عليّ «٩» ؟ قال: وما لي لا أصدقك! قالت: فحدّثني عن قصّتهم، قال: فإنّ عليّا لمّا كاتب معاوية، وحكم الحكمان، خرج عليه ثمانية آلاف من قرّاء النّاس، فنزلوا بأرض يقال لها حروراء من جانب الكوفة، وإنّهم عتبوا عليه فقالوا: انسلخت من قميص ألبسكه الله تعالى واسم سمّاك الله تعالى به «١٠» ، ثمّ انطلقت فحكّمت في دين الله، فلا حكم إلّا لله تعالى، فلمّا أن بلغ عليّا ما عتبوا عليه، وفارقوه عليه، أمر مؤذّنا فأذّن ألّا يدخل على أمير المؤمنين إلّا رجل


(١) الرّكيّ: هو البئر قبل أن تطوى، ويبدو أن جانبا من هذه البئر كان مطويا والآخر قد انهار فصار كالرّكيّ.
(٢) المعنى، كيف تكلم أجسادا لا روح لها وهو سؤال يفيد الدهشة.
(٣) هكذا في المتن، وقد ذكر ابن حجر في الشرح ج ٩ ص ٣٥٣ لفظ نقمة بدلا من نقيمة.
(٤) البخاري- الفتح ٧ (٣٩٧٦) .
(٥) أبو داود رقم (٤٣٣٩) ، وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود (٣٦٤٦) : حسن، وهو عند ابن ماجه رقم (٤٠٠٩) .
(٦) المعنى: أي شيء يسخطك ويغضبك من ابنك الذي يظل ذاكرا بالنهار، ويبيت سالما.
(٧) أحمد/ المسند ١٠ (٦٦١٤) ، بتحقيق الشيخ أحمد شاكر، قال: وإسناده صحيح، ونقله ابن كثير في فضائل القرآن عن هذا الموضع من المسند، انظر فضائل القرآن لابن كثير ص ١٥٧، ١٥٨.
(٨) مرجعه من العراق أي وقت رجوعه منها.
(٩) تريد عائشة- رضي الله عنها- السؤال عن الخوارج.
(١٠) المراد أنه بقبول التحكيم رضي أن يخلع نفسه من الخلافة وإمارة المؤمنين، فكنى عن الخلافة بالقميص وبالاسم عن إمارة المؤمنين.