للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يصعب حصره أو تحديده، ذلك أنّ الإحسان مطلوب في جميع الأحوال والأوقات، ومن أهمّ الميادين الّتي تتجلّى فيها علاقة الإحسان:

١- مواجهة الملمّات بالصّبر عليها، قال تعالى:

وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (هود/ ١١٥) .

٢- أداء الدّية لوليّ القتيل، وذلك قوله تعالى:

فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ (البقرة/ ١٧٨) .

٣- معاملة المطلّقات أو من ينوى طلاقهنّ، قال تعالى: لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ...

مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (البقرة/ ٢٣٦) ، وقوله سبحانه: الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ (البقرة/ ٢٢٩) .

٤- الحرب والجهاد، وذلك قول الله تعالى:

وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (العنكبوت/ ٦٩) . وقوله سبحانه وتعالى:

وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (البقرة/ ١٩٥) .

يقول الشّيخ الغزاليّ: هنا يذكر القرآن الكريم معنى آخر للإحسان، فالأمم لا تخدم رسالتها بالبخل وكراهية الإنفاق في سبيل الله، والحروب قديما وحديثا تتطلّب مالا كثيرا ... والعرب والمسلمون مكلّفون بمعرفة هذه الحقيقة، ولن يسلم لهم دينهم وتبقى لهم بلادهم (حرّة أبيّة) إلّا إذا توسّعوا في الإنفاق الحربيّ، وأحسنوا تهيئة كلّ شيء لكسب المعركة، ويشهد لذلك ما جاء في آيات أخرى عن حقيقة الإحسان، ودائرته الرّحبة، فهي تتطلّب الصّمود والبسالة إلى الرّمق الأخير، يقول المولى عزّ وجلّ: وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ* فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (آل عمران/ ١٤٧- ١٤٨) «١» .

٥- مجاهدة النّفس بكظم الغيظ ومحاربة الشّحّ وكبح شهوة الانتقام، وهذا ما تشير إليه الآية الكريمة الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (آل عمران/ ١٣٤) . وتتضمّن هذه الآية الكريمة الإحسان إلى المسيء بالعفو عنه، يقول الشّيخ الغزاليّ: كظم الغيظ مرتبة عالية، ولكنّ المرتبة الأعلى هي العفو عند المقدرة، وتلك درجة الإحسان «٢» .

٦- الحوار الفكريّ والتّواصل الثّقافيّ، وقد جاء ذلك في قوله تعالى: وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ (الإسراء/ ٥٣) .

٧- التّحاور بين المسلمين وأهل الكتاب، قال تعالى: وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (العنكبوت/ ٤٦) .

٨- الخصومة والخلافات، يقول الله تعالى:

وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (فصلت/ ٣٤) .


(١) المحاور الخمسة (١٩٣) بتصرف.
(٢) المرجع السابق ونفسه، والصفحة نفسها.