للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طعام، فمضى القيّم ومعه غلمان عبيد الله، فدفعوا إلى عجوز في خباء، فقالوا: هل عندك من طعام نبتاعه «١» منك؟ قالت: أمّا طعام أبيعه فلا، ولكن عندي ما إليه حاجة لي ولبنيّ، قالوا: وأين بنوك؟ قالت: في رعي لهم. وهذا أوان أوبتهم «٢» ، قالوا: فما أعددت لك ولهم؟ قالت: خبزة وهي تحت ملّتها «٣» أنتظر بها أن يجيئوا، قالوا: فما هو غير ذلك؟. قالت: لا.. قالوا:

فجودي لنا بنصفها، قالت: أمّا النّصف فلا أجود بها، ولكن إن أردتم الكلّ فشأنكم بها، قالوا: ولم تمنعين النّصف وتجودين بالكلّ؟ قالت: لأنّ إعطاء الشّطر نقيصة. وإعطاء الكلّ فضيلة، فأنا أمنع ما يضعني، وأمنح ما يرفعني، فأخذوا الملّة، ولم تسألهم من هم؟

ولا من أين جاءوها؟ فلمّا أتوا بها عبيد الله، وأخبروه بقصّة العجوز، عجب وقال: ارجعوا إليها فاحملوها إليّ السّاعة، فرجعوا فقالوا: انطلقي نحو صاحبنا فإنّه يريدك ... «٤» ) * «٥» .

٦-* (قال الشّاعر:

أحسن إلى النّاس تستعبد قلوبهم ... فطا لما استعبد الإنسان إحسان

) * «٦» .

[من فوائد (الإحسان)]

١- للإحسان ثمرة عظيمة تتجلّى في تماسك بنيان المجتمع وحمايته من الخراب والتّهلكة ووقايته من الآفات الاجتماعيّة النّاجمة عن الخلل الاقتصاديّ «٧» .

٢- الإحسان هو المقياس الّذي يقاس به نجاح الإنسان في علاقته بالحياة- وهي علاقة ابتلاء «٨» .

٣- المحسن يكون في معيّة الله عزّ وجلّ، ومن كان الله معه فإنّه لا يخاف بأسا ولا رهقا (انظر الشواهد القرآنية ٢٨، ٢٩) .

٤- المحسن يكتسب بإحسانه محبّة الله عزّ وجلّ (انظر الشواهد ٣٠- ٣٤) .

٥- وإذا أحبّ الله العبد جعله محبوبا من النّاس، وعلى ذلك فالمحسنون أحبّاء للنّاس يلتفّون حولهم ويدافعون عنهم إذا أحدق بهم الخطر.

٦- للمحسنين أجر عظيم في الآخرة حيث يكونون في مأمن من الخوف والحزن (انظر الشاهد ٣٦، ٣٩، ٦٣) .

٧- من ثمرات الإحسان التّمكين فى الأرض (انظر الشاهد ٤٨، ٦٠) .

٨- المحسن قريب من رحمة الله عزّ وجلّ (انظر


(١) نبتاعه: أي نشتريه.
(٢) أوان أويتهم: أي وقت رجوعهم.
(٣) الملة: الرماد الحار والجمر.
(٤) انظر الأثر كاملا في صفة (الكلم الطيب) ج ٨ ص ٣٢٩١ (أثر رقم ٥٠) .
(٥) انظر المنتقى من مكارم الأخلاق للخرائطي (١٣٧- ١٤١) .
(٦) ديوان «عنوان الحكم» للبستي.
(٧) انظر في ذلك «العلاقات الاقتصادية» التي تشكل الميدان الثاني عشر من ميادين الإحسان ص ٧٥.
(٨) انظر تفصيلا أكثر عن علاقة الإنسان بالحياة وهي علاقة الابتلاء ج ١ ص ٥ وما بعدها.