للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وطعم الصّدق واليقين، حتّى تخرج الجاهليّة كلّها من قلبه.

فالنّفس جبل عظيم شاقّ في طريق السّير إلى الله- عزّ وجلّ- وكلّ سائر لا طريق له إلّا على ذلك الجبل. فلا بدّ أن ينتهي إليه، ولكن منهم من هو شاقّ عليه، ومنهم من هو سهل عليه، وإنّه ليسير على من يسّر الله عليه.

وفي ذلك الجبل أودية، وعقبات، وشوك، ولصوص يقتطعون الطّريق على السّائرين ولا سيّما أهل اللّيل المدلجون. فإذا لم يكن معهم عدد الإيمان، ومصابيح اليقين تتّقد بزيت الإخبات، تعلّقت بهم تلك الموانع. وتشبّثت بهم تلك القواطع. وحالت بينهم وبين السّير «١» .

فإنّ أكثر السّائرين فيه رجعوا على أعقابهم لمّا عجزوا عن قطعه واقتحام عقباته. والشّيطان على قلّة ذلك الجبل يحذّر النّاس من صعوده وارتفاعه، ويخوّفهم منه فيتّفق مشقّة الصّعود وقعود ذلك الموقف على قلّته، وضعف عزيمة السّائر ونيّته. فيتولّد من ذلك: الانقطاع والرّجوع. والمعصوم من عصمه الله.

وكلّما رقي السّائر في ذلك الجبل اشتدّ به صياح القاطع، وتحذيره وتخويفه. فإذا قطعه وبلغ قلّته انقلبت تلك المخاوف كلّهنّ أمانا، وحينئذ يسهل السّير، وتزول عنه عوارض الطّريق، ومشقّة عقباتها ويرى طريقا واسعا آمنا يفضي به إلى المنازل والمناهل، وعليه الأعلام، وفيه الإقامات قد أعدّت لركب الرّحمن.

فبين العبد وبين السّعادة والفلاح قوّة عزيمة، وصبر ساعة، وشجاعة نفس، وثبات قلب، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء. والله ذو الفضل العظيم «٢» .

[للاستزادة: انظر صفات: التواضع- الخشوع- الخشية- الخوف- الرهبة- السكينة.-

الضراعة والتضرع- الطمأنينة- القنوت- اليقين.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الإعراض- الإصرار على الذنب- الجزع- الكبر والعجب- السخط- القلق- القنوط] .


(١) مدارج السالكين لابن القيم (٢/ ٦) .
(٢) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.